للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما يذكر به أمير المؤمنين أمر أصحابه فإن من أولى أمر الوالي منه بالتثبيت والتحيز أمر أصحابه الذين هم بهاء فنائه وزينة مجلسه وألسنة رعيته والأعوان على رأيه ومواضع كرامته والخاصة من عامته فإن أمر هذه الصحابة قد عمل فيه من كان وليه من الوزارة والكتاب قبل خلافة أمير المؤمنين عملاً قبيحاً مفرط القبح مفسداً للحسب والأدب والسياسة داعياً للأشرار طارداً للأخيار فصارت صحبة الخليط أمراً سخيفاً فطمع فيه الأوغاد وتزهد فيه من كان يرغب فيما دونه حتى إذا التقينا أباب العباس رحمه الله وكنت في ناس من صلحاء أهل البصرة ووجوههم فكنت في عصابة منهم أبوا أن يأتوه فمنهم من تغيب فلم يقدم ومنهم من هرب بعد قدومه اختياراً للمعصية على سوء الموضع لا يعتذرون في ذلك إلا بضياع الكتب والدعوة والمدخل يقولون هذه منزلة كان من هو أشرف من أبنائنا يرغبون فيما هو دونها عند من هو أصفر أمراء ولاتنا اليوم وقد كانت مكرمة وحسباً إذ الناس ينظرون ويسأل عنهم فأما اليوم ونحن نرى فلاناً وفلاناً ينفر بأسمائهم على غير قديم سلف ولا بلاء حدث فمن يرغب فيما هاهنا يا أمير المؤمنين أكرمك الله أما يصير العدل كله إلى تقوى الله عز وجل وإنزال الأمور منازلها فإن الأول قال:

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ... ولا سراة إذا جهالهم سادوا

وقال:

هم سودوا نصراً وكل قبيلة ... يُبين عن أحلامها من يسودها

وإن أمر هذه الصحابة قد كان فيه أعاجيب دخلت فيه مظالم. أما العجب فقد سمعنا من الناس من يقول ما رأينا أعجوبة قط أعجب من هذه الصحابة ممن لا ينتهي إلى أدب ذي نباهة ولا حسب معروف ثم هو مسخوط الرأي مشهور بالفجور من أهل مصر قد غبر علامة دهره صانعاً يعمل بيده ولا يعتد مع ذلك ببلاء ولا غناء إلا أنه مكنه من الأمر صاغ فاحتوى حيث أحب فصار يؤذن له على الخليفة قبل كثير من أبناء المهاجرين والأنصار وقبل قرابة أمير المؤمنين وأهل بيوتات العرب ويجري عليهم من الرزق الضعف مما يجري على كثير من بني هاشم وغيره من سروات قريش ويخرج له من المعونة على نحو ذلك لم يضعه بهذا الموضع رعاية رحم ولا فقه في دين ولا بلاء في مجاهدة عدو معروفة ماضية متتابعة قديمة ولا غناء حديث ولا حاجة إليه في شيء من الأشياء ولا عدة يستعد