بها وليس بفارس ولا خطيب ولا علامة إلا أنه خدم كاتباً أو حاجباً فأخبر أن الذين لا يقوم إلا به حتى كتب كيف شاء ودخل حيث شاء.
وأما المظلمة التي دخلت في ذلك فعظيمة قد خصت قريشاً وعمت كثيراً من الناس وأدخلت على الأحساب والمروءات محنة شديدة وضياعاً كثيراً فإن في أذن الخليفة والمدخل عليه والمجلس عنده وما يجري على صحابته من الرزق والمعونة وتفضيل بعضهم على بعض في ذلك حكماً عظيماً على أن الناس في أنسابهم وأخطارهم وبلاء أهل البلاء منهم وليس ذلك كخواص المعروف ولطيف المنازل أو الأعمال التي يختص بها المولى من أحب ولكنه باب من القضاء جسيم عام يقضي فيه للماضين من أهل السوابق والمآثر من أهل الباقين وأهل البلاء والغناء بالعدل أو بما يجال فيه عليهم فإن أحق المظالم بتعجيل الرفع والتغيير ما كان ضره غائباً وكان السلطان شائناً ثم لم يكن في رفعة مؤونة ولا شغب ولا توغير بصدور عامة ولا للقوة ولا أضرار سبب.
ولصحابة أمير المؤمنين أكرمه الله مزية وفضل وهي مكرمة سنية حرية أن تكون شرفاً لأهلها وحسباً لأعقابهم وحقيقة أن تصان وتخطر ولا يكون فيها إلا رجل بدر بخصلة من الخصال ومن رجل له عند أمير المؤمنين خاصة بقرابة أو بلاء أو رجل يكون شرفه ورأيه وعمله أهلاً لمجلس أمير المؤمنين وحديثه ومشورته أو صاحب نجدة يعرف بها ويستعد لها يجمع مع نجدته حسباً وعفافاً فيرفع من الجند إلى الصحابة ورجل فقيه مصلح يوضع بين أظهر الناس لينتفعوا بصلاحه وفقهه أو رجل شريف لا يفسد نفسه أو غيرها فإما من يتوسل بالشفاعات فإنه يكتفي أو يكتفى له بالمعروف والبر فيما لا يهجن رأياً ولا يزيل أمراً عن مرتبته ثم تكون تلك الصحابة المخلصة على منازلها ومداخلها ألا يكون للكاتب فيها أمر في رفع رزق ولا وضعه ولا للحاجب في تقديم إذن ولا تأخيره.
ومما يذكر به أكير المؤمنين أمر فتيان أهل بيته وبني أبيه وبني علي وبني العباس فإن فيهم رجالاً لو متعوا بجسام الأمور والأعمال سدوا وجوهاً وكانوا عدة لأخرى.
ومما يذكر به أمير المؤمنين أمر الأرض والخراج فإن أجسم ذلك وأعظمه خطراً وأشده مؤونة وأقربه من الضياع ما بين سهله وجبله ليس لها تفسير على الرساتيق والقرى فليس للعمال أمر ينتبهون إليه ولا يحاسبون عليه ويحول بينهم وبين الحكم على أهل الأرض