أما بعد فإن مما نمق الله به مناقبك الكريمة المحمودة الغانية عن القول والوصف أنك موضع المؤونات عن أخوانك حمال عنهم أثقال الأمور مما وضعت عنه المؤونة ارتفاعك عن الأمور التي يطأطأ إليها الكلام على ألسنة الناس إذا أباحوه وبهرجوه وضيعوا القول ونسوا القصد فيه وأخذوا به في كل فن وأصفوا بصفوته غير أهلها فيما لا ينبغي لهم من التشبيه والتوفير والتفضيل. كان من خبري بعدك أني قدمت بلد كذا فتهيأ لي بعض ما شخصت له والمحمود على ذلك الله عز وجل وأنا على أن يأتيني خبرك محتاج فأما جملة خبري في فراقك فقلبي مكة كل ما سواك حرام فيها.
وله جواب في السلامة:
أما بعد فقد أتاني كتاب الأمير رجعة كتابي إليه فكان فيه تصديق الظن وتثبيت الرأي ودرك البغية والله محمود فأمتع الله بالأمير وأمتعه بصالح ما آتاه وزاهدة من الخيرات مستعمراً له فيه مستعملاً بطاعته التي بها يفوز الفائزون والذي رزق الله من الأمير فهو عندي عظيم نفيس وكل الذي قبلي عن مكافأته فمقصر إلا أنه ليس في النية تقصير ولا بلوغ لشيء من الأمور إلا بتوفيق الله عز وجل ومعونته والسلام.
وله في السلامة جواب أيضاً:
أما بعد فقد أتاني كتابك فيما أخبرتني عنه من صلاحك وصلاح ما قبلك وفي الذي ذكرت نعمة مجللة عظيمة نحمد عليها الله المنعم بها المحمود ونسأله أن يلهمنا وإياك من شكره وذكره ما به مزيدها وتأدية حقها نحن من عافية الله وكفايته ودفاعه على حال لو أطنبت في ذكرها لم يكن في ذلك إحصاء للنعمة ولا اعتراف لكنه الحق فنرغب إلى الذي يزيد في نعمه علينا تظاهراً ألا يجعل شكرنا منقوصاً ولا مدخولاً وأن يرزقنا مع كل نعمة كفاءً من المعرفة بفضله فيها والعمل في أدءا حقها.
وفي السلامة أيضاً (ولم يقل أنها له):
كتبت إليك وأمير المؤمنين وما يأتيه من لين الطاعة واتساق الكلمة عمت في الداني والقاصي من بلدانه وحواشي سلطانه على ما يحمد الله عليه فإن نعمة الله على أمير المؤمنين تجري على أذلالها وتنقاد في أسهل سبيلها.