قال المؤلف: ومن مختار ما كتب به من باب الشكر ولم أعرف إن كانت له أو لغيره لأنه أورد كتب بضم أولها ومع هذا فهذه هي الرسالة:
أما بعد فقد أعجز تعدادي عما أتعرف منك وأتعرف بك دانياً ونائياً وما أدري ما ابتدأني به من معروفك أرهن لشكري أم ما ثنيت به من برك لبدئك بعنايتك على نأيك أم ما ألبستني جماله على لسانك بإطرائك وثنائك أم ما عقدته لي عند غيرك بتلطيفك وتأتيك غير أني أعلم أنك لم تقصر في استحقاق شكر علي وأرجو ألا أكون مقصراً في معرفة ذلك منك ومن لم يقصر علمه ولم يؤت في شكره إلا من أعظم المعروف عنده مع جهده فقد دخل بالعلم والجهد في الشاكرين. غير أن الذي آنستني به من رفدك وتوطيدك قد زادني وحشة إليك وإن حفظ من حفظني فيك وإن لم يكن مقصراًُ وقد جدد لي المعرفة بوثارة مكاني عندك ولقد بلغت ن اصلحت لي الأمور والرجال وأصلحتني إلى صلاحي لنفسك فليس كتابي هذا باستبطائي لأحد حتى يستبطئه ولا شكري حتى يكون البدء منك ولكن روحت عن نفسي بذكرك وزينتها بشكرك وزكيتها بالإقرار بفضلك.
ولابن المقفع:
إن الناس لم يعدموا أن يطلبوا الحوائج إلى الخواص من الأخوان وأن يتواصلوا بالحقوق ويرغبوا إلى أهل المقامات ويتوسلوا لى الأكفاء وأنت بحمد الله ونعمته من أهل الخير وممن أعان عليه وبذلك لأهل ثقته المصافين وإن بذل النفوس فيه وإعطاء الرغيب ليس منك ببكر ولا طريف بل هو تليد أتلده أولكم لآخركم وأورثه أكابركم أصاغركم ومن حاجتي كذا وأنت أحق من طلبت إليه واستعنته على حوادث الدهر وأنزلت به أمري لقرب نسبك وكريم حسبك ونباهتك وعلو منزلتك وجسيم طبائعك وعوام أياديك على عشيرتك وغيرها فليكن من رأيك ما حملتك من حاجتي على قدر قسم الله لك من فصله وما عودك من مننه ووسع غيري من نعمائك وإحسانك.
ولابن المقفع أيضاً:
أما بعد فإن من قضى الحوائج لأخوانه واستوجب بذلك الشكر عليهم فلنفسه عمل لا لهم. والمعروف إذا وضع عند من لا يشكره فهو زرع لا بد لزارعه من حصاده أو لعقبة من بعده. وكتبت إلينا ولحالنا التي نحن بها نذكرك حاجة أول ما فيها معروف تستوجب بد