وإذا كانت القرون الأربعة التي فرضها الاحتلال العثماني على المنطقة العربية قد اقترنت بمحاولات قمعية لإطفاء جذوة القومية العربية، فإن الرواد من قادة الفكر العرب كانوا يؤسسون لمرحلة الاستقلال عن النير العثماني، بإحياء أصول اللغة والتاريخ واستطلاع التراث، ولعل مساهمة محمد كرد علي كانت متميزة في هذا المجال من خلال الخطوة الجبارة التي حققها مع انتهاء الحكم العثماني، وهي إنشاء مجمع اللغة العربية الذي وقفنا على أهدافه الأساسية في هذه الدراسة عن حياة وعطاء العلامة الكبير ولم يكتفِ بتأسيس المجمع ومجلته التي كان كتابها من أبرز علماء وأدباء الوطن العربي بل تحققت في هذا المجال خطوات لاحقة مهمة منها:
١ ـ تفرغ أعضاء المجمع للبحث الأدبي والدراسات اللغوية والتاريخية.
٢ ـ تأسيس دار كتب عامة في المدرسة الظاهرية، فاتخذ منها داراً للكتب، أصبحت فيما بعد ذات شهرة كبيرة نظراً لأهمية ثروتها من المخطوطات وأمهات الكتب والوثائق، وقد ظلت دار الكتب الظاهرية تؤدي رسالتها في إتاحة مجال مطالعة أهم المؤلفات. أمام كل متعطش للثقافة.
وقد أنشأ الملك الظاهر بيبرس عام /٨٢٠/ للهجرة هذه المدرسة لتكون مدرسة للعلم وتربة تضم رفاته، وفي عام ١٩٢٧ تحولت المدرسة الظاهرية إلى مدرسة ابتدائية وظلت في عهدة دائرة الأوقاف ثم ألحقت بالمجمع.
وكان فريق من علماء دمشق لاحظوا تفرق المخطوطات والكتب في المساجد وتعرضها للضياع، فقاموا بحملة لجمع ما تبقى منها، وماهو هام جداً، وثمين وأودعت في خزانة داخل قبة المدرسة الظاهرية، وكانت نواة دار الكتب الحالية. (١).
٣ ـ حقق مجمع اللغة العربية مئات المخطوطات (وهي كتب ورسائل) من التراث ومن هذه المطبوعات:
(١) ـ وجيه الشربجي: أضواء على تاريخ مجمع اللغة العربية ـ مصدر مذكور.