هلموا يا بني أمي ويا بني عمي إلى قاضي التحقيق أو على قاضي الإحالة ليأمر بحفظ هذه القضية لأنها لم تتوفر فيها أقل دلالة بل لأنها مبنية على الضلالة لا محالة.
من هم المضطهدون ومن هم المضطهدون؟
أولئك نفر قليل من الحكام الغرباء الذين لم يرعوا إلاًّ ولا ذمة لا في المسلمين ولا في أهل الذمة. والمضطهدون (بفتح الهاء) هم المسلمون والأقباط على السواء: اللهم إلا أن يقال على سبيل البسط أن الاضطهاد والضغط كانا أشد وقعاً على رهط الأقباط: لأن اسمهم جاء على حرف الطاء.
كان الحاكم الظالم إذا تولى مصر (والظالم لا دين له) يستنزف الأموال ويستعبد الرجال لا يفرق بين فريق وفريق ولكن أثره لا يظهر ظهوراً واضحاً في المسلمين لأنهم أكثر مالاً وأعز نفراً بخلاف الأقباط فإن أقل حيف يقع عليهم يكون أثره أشنع وأفظع لقلة عديدهم. فلو كان لي تسعون نعجة وكان لأخي عشرة ثم وقع وباء أهلك ثلثي ما أملك وخمس ما لأخي لكانت مصيبتي أجل وأكبر وإن كانت لا تذكر ولا تظهر في جنب ما حاق بأخي الأصغر إذ يبقى لي ثلاثون ويبقى له ثمان. ولو كان لي ثوب ذرعه عشرة أشبار في عشرة أشبار وله ثوب قدره شبر في شبر ثم وقعت نقطة زيت على كل من الثوبين لكان وقعها على ثوبه أعظم أثراً وإن كنا قد تساوينا ضرراً.
تلك هي حقيقة الحال وإن كان هنالك بعض شذوذ نادرة فالنادر لا حكم له. فما بالنا لا نتناسى الأضغان إن كان هنالك أضغان؟ بل ينبغي لنا أن لا نكون أقل في العقل وأحط في الإدراك من ذلك الشرطي وذلك الحوذي: إذ أخذ الأول نمرة الثاني ليحرر فيه محضر مخالفة فأخذ الثاني نمرة الأول ليشكوه إلى العظيم الذي استوقفه. فقال له: إمسح وأنا أمسح
إليكم الآن أحاديث الرسول وما ورد في شريعة المسلمين مشفوعة بنتفٍ من أخبار الماضين علها تكون عبرة وتذكرة وعسى أن يكون من ورائها ما نرجوه من الرجوع إلى توثيق علائق الارتباط بين المسلمين والأقباط.
ورد في الآثار الثابتة الصحيحة أنه قال:
(١) ستفتحون مصر وهي أرض يسمى فيها القيراط فاستوصوا بأهلها فإن لهم ذمة ورحمة.
(٢) إذا فتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيراً فإن لهم ذمة ورحماً