موضع الصخرة مسجداً وكان فوقها تراب كثير فتناول عمر رضي الله عنه من التراب في ثوبه فتبادر المسلمون لرفعه حتى لم يبق منه شيء وعمر المسجد الأقصى أمام الصخرة.
ثم أن عمر رضي الله عنه أتى بيت لحم وصلى في كنيسته عند الحنية التي ولد فيها المسيح. وكتب سجلاً بأيدي النصارى: أن لا يصلي في هذا الموضع أحد من المسلمين إلا رجل بعد رجل ولا يجتمعوا فيه للصلاة ولا يؤذنوا عليه.
وكثيراً ما يشير المؤرخون إلى العهود العمرية وقد ألف أبو العباس أحمد بن محمد بن العطار الدنيسري المتوفى سنة ٧١٥ كتاباً سماه العهود العمرية في اليهود والنصارى ولم أظفر بشيء سوى اسمه في كشف الظنون الذي أفادنا صاحبه أيضاً هو والسخاوي في التبر المسبوك أن المقريزي له كتاب اسمه شذور العقود وأكمل صاحب الكشف اسمه في موضع آخر بأنه عقود في تاريخ اليهود وجلها لم تصلنا لسوء الحظ.
فلما ظهر الإسلام وارتفعت كلمته كانت مصر في يد الروم روم الدولة الشرقية وكان عددهم فيها ثلثمائة ألف نفس توزعوا وظائف الدولة فيما بينهم وكانت الأمة كلها مهضومة الحقوق ليس لها سوى الاحتراف بالكتابة في الدواوين والتجارة والبيع والشراء والزراعة والفلاحة والخدمة والمهنة هذا فضلاً عن خدمة الدين فكان الأساقفة والقساوسة وغيرهم من الأقباط فلما قدم عمرو بجيوش المسلمين قاتلهم الروم حماية لملكهم ودفعاً لهم عن بلادهم حتى غلبهم عمرو على أمرهم فطلب القبط من عمرو المصالحة على الجزية فصالحهم عليها وأقرهم على ما بأيديهم من الأراضي وغيرها وصاروا معه عوناً للمسلمين على الروم وكتب عمرو لبنيامين بطرك اليعاقبة أماناً في سنة عشرين من الهجرة فسره ذلك وقدم على عمرو وجلس على كرسي بطركيته.
ولما توجه عمرو لفتح الاسكندرية خرج معه جماعة من رؤساء القبط وقد أصلحوا للمسلمين الطرق وأقاموا لهم الجسور (القناطر) والأسواق وصارت لهم القبط أعواناً على ما أرادوا من قتال الروم حتى تم فتح الاسكندرية ورجع عمرو قاصداً الفسطاط فجاز بناحية الطرانة فاستقبله بها سبعون ألف راهب خرجوا من وادي النطرون وبيد كل واحد عكاز وطلبوا منه الأمان على أنفسهم وأديارهم فكتب لهم بذلك أماناً بقي عندهم وكتب أيضاً بجراية الوجه البحري فاستمرت بأيديهم وقد بلغت في إحدى السنين على خمسة آلاف