أردب. قال علي باشا مبارك أنها لا تزيد الآن عن مائة أردب. . وقال المقريزي أن دير أبي قمار الموجود بوادي النطرون فيه الكتاب الذي كتبه عمرو بن العاص لأولئك الرهبان بجراية نواحي الوجه البحري على ما أخبره من أهبر برؤيته فيه. وقد توجهات إلى تلك الجهة في شهر يوليو سنة ١٨٩٤ بعناية الأب الجليل المثلث الغبطة كيرلس الخامس بابا الكنيسة المرقسية وبمساعدة المطران النبيل يوأنس مطران البحيرة والإسكندرية وزرت هذه الديارات كلها ونقبت فيما بها من الغرائر والزكائب والجوالق الموضوعة فيها الأوراق والكتب والمصاحف أملاً في العثور على ذلك الكتاب فلم أظفر به مطلقاً والغالب على الظن أنه ضاع أو تلقطه أحد سياح الإفرنج. فكان مثل الأقباط مثل المسلمين في التفريط بذخائر الأجداد. فأهل مصر كلهم سواء في ذلك. وإلا فأين المعاهدات والمكاتبات الدولية التي تبادلها ملوك مصر مع أمثالهم في أوروبا وغيرها؟ إننا إذا أردنا لعثور على شيء من هذا القبيل كنا عالة في أخص خصائصنا عن الإفرنج الذين حافظوا على ما وصلهم منا وقد نشره بعض علمائهم في القرن الماضي. فالتفريط والإفراط يستوي فيهما المسلمون والأقباط. فما بالهم لا يتساوون في أحكام علائق الارتباط؟.
اتسع بعد ذلك ملك الإسلام وانتشرت أعلامه في سائر الآفاق. فمان الخلفاء والسلاطين حماة المسيحيين يدفعون عنهم الأذى ويحوطونهم بأصناف الرعاية والإكرام ويعاملونهم مثل المسلمون بتمام المساواة بل ربما زادوا في تعظيمهم وتقريبهم بما لا يكاد يصل إليه سراه المسلمين.
هل أتاكم حديث عمرو بن العاص داهية العرب مع يحيى المعروف عند النصارى بغراماطيقوس أي النحوي؟ دخل هذا الفيلسوف على الأمير وقد عرف موضعه من العلوم فأكرمه وسمع من ألفاظه الفلسفية التي لم يكن للعرب بها أنسة ما هاله ففتن به. قال المؤرخ النصراني الفاضل غريغوريوس أبو الفرج المعروف بابن العبري في كتاب مختصر الدول كان عمرو عاقلاً حسن الاستماع صحيح الفكر فلازمه وكان لا يفارقه.
وعندي أن يحيى كان يحسن التكلم بالعربية دون عمرو فقد أثبت لنا التاريخ جهله باللغة الرومية وذلك في حادثة الأرطبون التي وقعت له بالشام وفي حديث أسره بالإسكندرية وسنذكره فيما بعد فإنه لم يفطن للمكيدة التي دبرها الروم لاغتياله لولا معرفة صاحبه في