النصراني وأبو الحسين سعيد بن إبراهيم التستري النصراني وابو منصور عبد الله بن جبير النصراني وأبو عمر سعيد بن الفرخان النصراني. وفكانوا يحضرون مجلسه في وقته من جانبيه وبين يديه ويقدم إلى كل واحد منهم طبق فيه أصناف الفاكهة الموجودة في كل وقت من خير كل شي ثم يجعل في الوسط طبق كبير يشتمل على جميع الأصناف وكل طبق فيه سكين يقطع به صاحبه ما يحتاج إلى قطعة من سفرجل وخوج وكمثرى ومعه طست زجاج يرمي فيه الثفل فإذا بلغوا من ذلك حاجتهم واستوفوا كفايتهم شيلت لأطباق وقدمت الطسوت والأباريق فغسلوا أيديهم واحضرت المائدة مغشاة بدبيقي فوق مكبة خيازر ومن تحتها سفرة أدم فاضلة عليها وحواليها مناديل الغمر من الثياب المعصور. فإذا وضعت رفعت المكبة والأغشية وأخذ القوم في الأكل وأبو الحسن ابن الفرات يحدثهم ويباسطهم ويؤانسهم. فلا يزال على ذلك والألوان توضع وترفع أكثر من ساعتين. ثم ينهضون إلى مجلس في جانب المجلس الذي كانوا فيه ويغسلون أيديهم والفراشون قيام يصبون الماء عليهم والخدم وقوف على أيديهم المناديل الدبيقية ورطليات ماء الورد لمسح أيديهم وصبه على وجوههم.
وقد ذكرت هذه العبارة لأظهر ما كان للقوم من رفاهة وتأنق في داخليتهم كما كان لهم من عظمة وجلال في خارجيتهم فمصل هذا النظام لو حدثنا به أحد لاتهمناه بأنه يصور لنا شيئاً مما يجري في منازل عظماء أوروبا وأميركا ولولا أنه منقول بالحرف الواحد من كتاب تحفة الأمراء في تاريخ الزوراء للصابيء.
ومن المقرر في الشريعة الإسلامية بناءً على ما جاء في القرآن وسنة الرسول وعمل عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن العباس وعبد الله بن مسعود ومن ابتعهم من أئمة الهدى أن ذوي الأرحام ترد عليهم مواريثهم. وقد كان العمل في ذلك جارياً على هذه القاعدة بصرف النظر عن ملة الورث سواء أكان مسلماً أو ذمياً. ولكن السنة قد تختفي في بعض الدول فيبطلها الحكام وظلماً وعدواناً. فقد وقع أن بيت المال اغتصب حقوق هؤلاء الوارثين من مسلمين وذميين فأمر المعتضد بالله ثم المستكفي بالله بالرجوع إليها في حق كل منهما ثم تنكرت هذه السنة الشريفة فأعادها المقتدر بالله وأصدر منشوراً جليلاً أمر بإظهاره وقراءته على الناس في المسجدين الجامعين بمدينة السلام وأرسله إلى جميع