أما بعد فإن الله تعالى جعل الدنيا مخحفوفة بالكره والسرور فمن ساعده الحظ فيها سكن إليها ومن عضته بنابها ذمها ساخطاً عليها وشكاها مستزيداً لها وقد كانت أذاقتنا أفاويق استحليناها ثم جمحت بنا نافرة ورمحتنا مولية فملح عذبها وخشن لينها فأبعدتنا عن الأوطان وفرقتنا عن الأخوان فالدار نازحة والطير بارحة. وقد كتبت والأيام تزيدنا منكم بعداً وغليكم وجداً فإن تتم البلية إلى أقصى مدتها يكن آخر العهد بكم وبنا وإن يلحقنا ظفر جارح من أظفار من يليكم نرجع غليكم بذل الإسار والذل شر جار. نسأل الله الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء أن يهب لنا ولكم ألفة جامعة في دار آمنة تجمع سلامة الأبدان والأديان فإنه رب العالمين وأرحم الراحمين.
وله من رسالة كتب بها عن آخر خلفاء بني أمية وهو مروان الجعدي لفرق العرب حين فاض العجم من خراسان بشعار السواد قائمين بالدولة العباسية:
فلا تمكنوا ناصية الدولة العربية في يد الفئة العجمية واثبتوا ريثما تنجلي هذه الغمرة ونصحو من هذه السكرة فسينضب السيل وتمحى آية الليل والله مع الصابرين والعاقبة للمتقين.