مختصر الدول الذي طبع مع ترجمته اللاتينية في أكسفورد بإنكلترا أولاً في سنة ١٦٦٣ ثم ترجموه إلى الألمانية في سنة ١٧٨٣ وبقي عزيزاً على العرب حتى تفضل بطبعه اليسوعيون في بيروت بالمطبعة الكاثوليكية سنة ١٨٩٠.
جرنا الكلام بمناسبة أو بغير مناسبة إلى ذكر الشيخ المكين والإشارة إلى تأليفه المفيد الذي سماه تاريخ المسلمين وهو من سوء الحظ عندنا في مصر من أندر النوادر. صدَّر هذا الفاضل كتابه بهذه الديباجة:
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي
الحمد لله المقدس بجميع اللغات الممجد في سمو عرشه من سائر المخلوقات المتميز بوجوب الوجود عن جميع الكائنات المتفرد ببديع السماء وشريف الصفات المتعالي في عز عزه وجلال كبريائه عن الأشباه والنظراء بماله من الجبروت والعظمة والكبرياء أحمده حكم شاكر على ما أولى من النعماء وأجزل من العطاء. والمكين إنما جاء بكتابه متمماً ومكملاً ومصدقاً لكتاب نظم الجوهر الذي ألفه البطريرك القبطي ابن البطريق المتبحر في فنون الطب وفي مقالات النصارى والاختلافات الديانين الكائنة بين فرقهم المتشعبة. وقد رأيت كتابه في دير النطرون أثناء رحلتي إلى ذلك الوادي في سنة ١٨٩٤ وتركت عند بعضهم دراهم يسيرة لاستنساخه ثم تولاني وتولى صاحبي القبطي نسيان إلى الآن فلست أذكره ولا هو يذكرني ولن أذكره فإنه لم يذكرني. ولا بأس علينا في بقاء هذا الكتاب في تلك الجوالق والأعدال إذ قد سبقنا الإفرنج فطبعوه مع ترجمة اللاتينية بمدينة أكسفورد إحدى عاصمتي العلم بإنكلترا في سنة ١٦٥٩ وإن كانت مصر وأهلها لا تزال محرومة منه. ألف البطريرك هذا الكتاب لأخيه عيسى وصدَّره بمخاطبته فقال:
بسم الواحد الأحد السرمدي وبه نستعين
ألهمك الله يا أخي من الأمور البهية أحسنها وأوفقها وصرف عنك من المحزنات الردية أعظمها وأوبقها وجللك من الستر أعمه وأدام لك من العز أعظمه وافاء بالدارين سهمك وفي الحالين قسمك وفهمك جميع ما يرضيه ولا أفرزك من حوله بما يستقصيه فهمت ما أمرت برسمه لك أسعدك الله بلبوس الفضيلة وطهرك من التردي بأطمار الرزيلة. . إلى أن قال أول ما نبتدئ بحمد ربنا ويا ربنا وخالقنا ومحيينا جل ثناؤه إذ كان حمده تقدس اسمه مفتاحاً