للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يضادها وتوخى ما يقتضي أن يراد وعمل بما وسد إليه. ومن هنا جاء عمله متماسك الأجزاء ثابت الدعائم على الدهر.

فواشنطون هو الذي أوجد الاتحاد ومثل النهضة الأميركية الأولى فكان الجندي النشيط الباسل والسياسي الذي أعلى شأن بلاده في الحكم الجمهوري والتقاليد الدستورية النافعة على حين كان تزبد كتيار يرغي بمياه جديدة تجري إليه. وبينا كانت تلك الأمواج المزبدة على وشك الفيضان وأنشأ واشنطون يجمع شمل المروءات المختلفة ويوجه الإرادات صوب النفع ويحسن بث الأخلاق التي تسفر عن تغلب الحرية والمدنية. فقد أثبت حقوق المرء المقدسة ورغب في الأخذ بزمام مستقبل ذاك الجنس المحتفظ بالتقاليد السائر مع الزمن في تعديلها واستبدالها بأحسن منها مخافة أن يكون من وراء نشوئها السريع اضطراب هائل يستحيل غالباً إلى نزع فوفاة.

وهكذا أسس واشنطون مدينته الجديدة على العدل والآداب العامة قال لما سلم القائد قورنفاليس الإنكليزي: رجائي أن تعلم هذه الحوادث إنكلترا بل تعلم الظالمين قاطبة في العالم أن أحسن طريق يقود على التحقيق إلى الشرف والمجد والفضل الحقيقي هو طريق العدل ومذهب الإنصاف ولذا كان الصراط السوي الذي سلكته الولايات المتحدة في ارتقائها أن لا تتساهل بمبادئ العقل والحكمة وهما نتيجة مادة جديدة سعياً وراء مطامع هي من الجنون المطبق فالولايات المتحدة على ما ذكر حرة مطلقة تفيض بالحماسة البطيئة وتتفي الفتوحات ولا ترضى لنفسها أن تكون مملكة على قدم الجهاد أبداً كمملكة قيصر أغطس.

هذا هو مبدأ واشنطون الذي سنه لأمته فلذلك جعلت الولايات المتحدة شعارها أن لا تتداخل أصلاً في شؤون غيرها وأن تضرب صفحاً عن الذهاب إلى أوربا. ولكن جاء بعد واشنطون وبنيامين فرنكلين جايمس مونرو السياسي العظيم خامس رئيس لجمهورية الولايات المتحدة وجعل شعاره أميركا للأميركيين فيقتضي إبعاد الأوربيين عن أميركا وهكذا كانت مقاصد زعماء السياسة في تلك البلاد امتناع أميركا عن التداخل في شؤون أوربا حتى لا تحمل هذه بأن تجعل أميركا مستعمرة لها. وهي القاعدة التي يجب أن يجري عليها كل شعب فتي أمام الشعوب القديمة يود أن ينمو حراً على ما تقتضيه قواه ومصالحه ولم تفكر الولايات المتحدة إلا في الاحتفاظ بحقوقها ومصالحها ولو أدى بها ذلك إلى سلب