إليكم بعشرة قواد من أكابر القوم من يتفق معكم على شيء تتراضون عليه. فإن أحببتم ذلك فأطلقونا حتى نذهب إلى أميرنا ونعلمه بما صنعتم بنا من الجميل ويتفق الأمر بينكم على ما نحب وتحبون وننصرف عنكم. فتوهم البطريق أن هذا الكلام حق فأطلق سبيلهم رجاءً أن يأتي العشرة قواد فيقتلهم ويتمكن حينئذ من العرب. فلما خرجوا قال مسلمة لعمرو يا عمرو لقد خلصتك لكمة وردان.
أقول وشبيه بذلك ما رواه ابن العبري من أن حاتماً ملك الأرمن خرج عن مدينة سيس قاصداً معسكر المغول ليؤدي الطاعة لملكهم. فخرج متنكراً مع رسوله له بزي بعض الغلمان وأخذ على يده جنيباً يجذبه خلف الرسول لأنه كان خائفاً من السلطان صاحب الروم. وكان الرسول كلما مر ببلد من بلاد الروم (آسيا الصغرى) يقول أن الملك حاتم أرسله على ملك التتار ليأخذ له الأمان فإذا أمنه توجه هو بنفسه إلى حضرته. قال ابن العبري: حدثني الملك حاتم عند اجتماعي به بمدينة طرسوس بعد سنين من عودته من خدمة مونككاقاآن. قال عبرت بقيسارية وسيواس مع الرسول ولم يعرفني أحد من أهلها قط غلا لما دخلنا مدينة أرزنكان عرفني رجل من السوقية كان قد سكن عندنا. فقال: إن كانتا هاتان عيني فهذا ملك سيس. فلما سمع الرسول كلامه التفت إلي ولطمني على خدي وقال: يا نذل صرت تتشبه بالملوك فاحتملت اللطمة لأزيل بها ظن من كان ظنه يقيناً.