للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مجلد.

قال مؤلفنا في اخاتيار الكتب وهل تفضل القديمة أم الحديثة فرأى أن الشبان ومن قل علمهم وأدبهم يؤثرون الجديد على القديم وإن كان الجديد في الغالب غثاً بارداً والقديم سميناً مملوءؤاً بصحيح الفكار ومتين الإنشاء. وفي كتب القدماء كنوز قديمة لا مثيل لها في آثار المحدثين. قال: وعندي أن يختار من الكتب العلمية أحدثها التي أخذت بأطراف ارتقاء العلم عامة وآخر ما وصل إليه كماله أما في الأدب فيختار أحسن كتابه مهما قدم عهدهم فالآداب القديمة كما قيل كلما قدمت تتجدد.

ولا مراء في أن المطالعة تؤثر في عقولنا واضطراباتنا وتورثنا القلق والحزن فمن الفضول أن نزيد على ذلك ما تدخله علينا من السرور والنفع قال جول لبتي في كتابه علم خب الكتب ومعرفتها ما أكثر من يبرؤون أمراضهم بفضل الكتب التي يطالعونها ولو عرف الناي ذلك حق معرفته لزاد عدد المولعين بالكتب زيادة عظمى. وتكلم المؤلف على الروايات وقال أن بعضهم يراها سموم الهيئة الاجتماعية وذكر كيتي الفيلسوف النقاد الألماني أنه من العبث أن يقول القائلون أن من الكتب ما يؤثر في إفساد الأخلاق وما الفساد إلا متوفر كل يوم في هذا المحيط وعندي أنه لا يجب التحرس كثيراً من ذكر ما لا يجدر أمام الأولاد من الأحاديث فإن الأولاد كالكلاب لهم حاسة قوية في الشم ويكتشفون كل شيء ولاسيما ما كان من أمور الشر. وللعلماء أراء مختلفة في هذا الشأن والأكثر على أن الروايات خيرها أقل من شرها وقشرها أضعف من لبها أما مطالعة الجرائد فهي لا تعد في باب مطالعة الكتب لأنهها تكتب بسرعة دون أن ينظر فيها النظر البليغ وما الجريدة كما قال بايل إلا فاكهة الفكر. وقال سانت بوف: يجب بادئ بدء أن نتزود من الخبز واللحم الطيب قبل أن نضع الفاكهة والحلواء. كتب تيوفيل غوتيه الكاتب الصحافي الفرنسوي أن مطالعة الجرائد تحول دون نبوغ القرائح القوية الشكيمة التي لا تريد غلا عشاقاً اقوياء في جدة الشباب فالجريدة تقتل الكتاب كما أن الكتاب قتل الهندسة وكما قتلت المدفعية الشجاعة وقوة الأعصاب. وقال جبرائيل هانوتو العالم: إن الجريدة هي المنافس الحقيقي للكتاب وما النجاح الذي أحرزته الجريدة غلا لرخص أثمانها وعندي أن الديمقراطية يجب أن يرخص فيها كل شيء لمداواة أمراض النفوس وأن المستقبل لا يبقى إلا على نوعين من الكتب