يقول الفيلسوف سينيك والأديب بلين لجون أن الإكثار من الكتب يشتت الفكر وأن عادة القراءة كثيراً تفضل قراءة أشياء كثيرة وقال لبعضهم: لا نهاية للاستكثار من الكتب ومعلوم أنه في هذا العصر الذي دعي بعصر الورق بل في هذا العصر الذي اشتدت فيه تباريح مرض جديد أي الجنون في الطبع والنشر أن الكتب تنمو وتتضاعف من يوم إلى يوم. وما أجمل ما قالت أريستيب الفيلسوف اليوناني (٣٩٠ق. م) أحد تلاميذ سقراط وصاحب المذهب الأبيكوري المنسوب لمدينة سيرين: ليس من يأكلون كثيراً هم أسمن من غيرهم وأصح منهم أجساداً بل السمان هم أولئك الذين يهضمون. وهنا استشهد المؤلف بإحصاء غريب لبعض المشتغلين منذ اخترع الطباعة على القرن الماضي فقال أنه طبع في جميع أنحاء الأرض من سنة ١٤٣٦ إلى سنة ١٥٣٦، ٤٢ ألف مجلد وفي سنة ١٥٣٦ إلى سنة ١٦٣٦، ٥٧٥ ألفاً وفي سنة ١٦٣٦ إلى سنة ١٧٣٦ مليون و٢٢٥ ألفاً وفي سنة ١٧٣٦ إلى سنة ١٨٢٢ مليون و٨٣٩٩٦٠ فيكون مجموع ما طبع زهاء ثلاثة ملايين ونصف مليون مجلد وإذا قدر معدل هذه المصنفات بثلاثة مجلدات وإن أقل ما يطبع من كل كتاب ٣٠٠ نسخة فيكون قد خرج من المطابع كلها في نحو أربعة قرون ٣٣١٣٧٦٤٠٠٠ وقدر أن ثلثيها حرق أو استعمل صرراً عند البدالين والباعة فلم يبق منها إلا ثلثها. وزيف بعضهم قوله بأن التوراة وحدها طبع منها زهاء ٣٦ مليون نسخة وأن كتاب الاقتداء بالمسيح طبع منه وحده ستة ملايين وأنه إذا كان كتب على تاريخ فرنسا وحده ثمانون ألف مجلد فكم تكون كتب الأرض. وقدر أحد الأميركان عدد المجلدات في الولايات المتحدة كما يأتي ٤٢٠ مليوناً في البيوت و١٥٠ مليوناً عند العلماء والكتاب والمخترعين و٦٠ مليوناً عند الكتيبة والطابعين و٥٠ مليوناً في خزائن الكتب العامة و١٢ مليوناً في مكتب المدارس والجامعات و٨ ملايين عند التلاميذ وأن في أوروبا الغربية ملياراً وثمانمائة مليون مجلد وفي أوروبا الشرقية أربعمائة وستين مليون مجلد و٢٤٠ مليوناً في سائر أقطار العالم. قال المؤلف: وبينا أهل الإحصاء يحصون ترى المطابع تصدر الكتب بالألوف فيقدر الآن ما يصدر كل سنة من الكتب في الشرق والغرب بخمسة وسبعين ألف كتاب جديد منها ٢٥ ألفاً في ألمانيا و١٣ ألفاً في فرنسا و١٠ آلاف في الولايات المتحدة و٧ آلاف في إنكلترا فلو فرضنا أن معدل ما يطبع منها ألف نسخة تكون كتب العالم قد زادت كل عام ٧٥ مليون