للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والحيرة واليمن وقد عيرهم بذلك ملك الفرس لما جاؤه فاتحين يوم القادسية وذكر لهم كيف كان يوسع عليهم عندما كانوا ينزلون بلاده منتجعين مستطعمين.

وقول المديني أن العرب يأكلون ما دب ودرج لا يؤخذ منه أنهم كلهم لأن منهم من كانوا يتقززون من أكثر الدويبات والصيد قال الجاحظ: ومن الطعام المذموم الخزيرة التي تعاب بأكلها مجاشع بن دارم وكنحو السخينة التي تعاب قريش والسخينة كانت من طعام قريش وتهجى الأنصار وعبد القيس وعذرة وكل من كان يقرب النخل بأكل التمر وتهجى أسد بأكل الكلاب وبأكل لحوم الناس والعرب إذا وجدت رجلاً مت القبيلة قد أتى قبيحاً ألزمت ذلك القبيلة كلها كما تمدح القبيلة بفعل جميل وإن لم ذلك إلا بواحد منهم فتهجو قريشاً بالسخينة وعبد القيس بالتمر وذلك عام في الحيين جميعاً وهما من صالح الأغذية والأقوات كما تهجو بأكل الكلاب والناس وإن كان ذلك إنما كان رجلاً واحداً فلعلك إذا أردت التحصيل تجده معذوراً وتهجى أسد وهذيل والعنبر وباهلة بأكل لحوم الناس. وقال قد يصيب القوم في باديتهم ومواضعهم من الجهد ما لم يسمع به في أمة من الأمم ولا في ناحية من النواحي وإن أحدهم ليجوع حتى يشد على بطنه الحجارة وحتى يعتصم بشدة معاقد الإزار وينزع عمامته من رأسه فيشد بها بطنه وإنما عمامته تاجه والإعرابي يجد في رأسه من البرد إذا كان حاسراً ما لا يجده أحد لطول ملازمته العمامة ولكثرة طيها وتضاعف أثنائها ولربما اعتم بعمامتين ولربما كانت قلنسوة خدرية.

ومهما يكن فإن العقل يحكم بأن عرب الشام كغسان كانوا لمجاورتهم للروم يأخذون عنهم كل شيء طريف ولقمة كريمة ومضغة شهية أكثر من عرب الحجاز وإنه كان لعرب الحيرة من المطاعم ما ليس لأهل نجد لقرب بلاد الأولى من بلاد الأكاسرة وأخذهم عنهم رفاغة العيش والناعم من الطعام ومطاعم العرب في جملتها لا تتعدى اللحوم والالبان والبر والتمر. والإبل عندهم أفضل من عامة الذبائح إذا ضاف أحداً رجلاً من أهل السعة ولم ينحر له عدَّ ذلك إهانة.

نزل عمرو بن معدي كرب برجل من بني المغيرة وهم أكثر قريش طعاماً فأتاه بما حضر وقد كان فيما أتاه به فضل فقال لعمر بن الخطاب وهم أخواله: لئام بني المغيرة يا أمير المؤمنين قال: وكيف. قال نزلت بهم فما قروني غير قريين وكعب ثور قال عمر: إن ذلك