لشعبة وكم قد رأينا من الأعراب نزل برب صارمة فأتاه بلبن وتمر وحيس وخبز وسمن سلاء فبات ليلته ثم أصبح يهجوه كيف لم ينحر له وهو لا يعرف بعيراً من ذوده أو من صرمته ولو نحر هذا البائس لكل كلب مر به بعيراً من مخافة لسانه لما دار الأسبوع إلا وهو يتعرض للسابلة يتكفف الناس ويسألهم العلق.
وإذا اعتبرت أسماء الأطعمة عندهم تجدها دائرة على تلك المواد الأولية ومتى رأيت تكرر المعنى الواحد بألفاظ كثيرة فمنشأ ذلك والله أعلم تعدد لغات قبائل العرب لأن ما عرفته قبيلة باسم تعرفه أخرى بآخر. فمن أطعمتهم (الوشيقة) وهو لحم يغلى إغلاة ثم يرفع و (الصفيف) مثله ويقال هو القديد قال ابن السكيت: إذا شرح اللحم وقدد طوالاً فهو القديد فإذا شرح عراضاً فهو الصفيف والوشيق يجمعهما إذا جفا (والتثمير) أن يقطع صغاراً ثم يجفف و (الوزيم) المجفف و (العفير) لحم يجفف على الرمل في الشمس و_الجبجبة) كرش البعير يغسل بالماء والملح ثم يشرح أعلاه ثم ينفخونها ويحشونها بالشجير أو بعر افبل اليابس ثم تعلق حتى تضربها الريح وتجفف ثم يأخذون اللحم فيقددونه ويجعلونه على حبال حتى يذبل ذبله ويذهب ماؤه وكذلك يفعلون بالشحم ثم يطبخون لحمها بشحمها جميعاً ثم يفرغونه في القصاع حتى يبرد ويصفون الإهالة على حدة فإذا برد كثبوا اللحم والشحم في الجبجبة وصبوا عليه الودك ثم بردوه حتى يجمد ويصير كالحجر ثم يلقى في جوالق (أكياس) ويستر من الحر أن يفسد فيأكلون منه جامداً ومن شاء أذاب منه على القرص.
و (الأرة) لحم يطبخ في كرش و (الهلام) طعام يتخذ من لحم عجلة بجلدها. والشبارق الألوان من اللحم المطبوخة فارسي معرب. والخضيعة طعام يتخذ بالشام والقلية مرقة تتخذ من أكباد الجزور ولحومها. والحنيذ الشواء الذي لم يبالغ في نضجه وقد حنذت أحنذ حنذاَ قال ابن السكيت: الحنيذ أن يؤخذ اللحم فيقطع أعضاء وينصب له صفيح الحجارة فيقابل يكون ارتفاعه ذراعاً وعرضه أكثر من ذراعين في مثلهما ويجعل له بابان ثم يوقد في الصفائح بالحطب فإذا حميت واشتد حرها وذهب كل دخان فيها ولهب أدخل فيه اللحم وأغلق البابان بصفيحتين قد كانت قدرتا للبابين ثم صربتا بالطين وفرث الشاة وأدفئت شديداً بالتراب فيترك في النار ساعة ثم يخرج كأن البسر قد تبرأ العظم من اللحم من شدة نضجه. والحند أيضاً أن يأخذ الرجل الشاة فيقطعها ثم يجعلها في كرشها ويلقي مع كل