عندهم لأنه يأتيهم من فارس كما دل عليه اسمه عندهم إذ أخذوا عن جيرانهم الاسم ونقلوا المسمى. ويحكى أن عبد الله بن جدعان أحد اشراف قريش ذهب مرة إلى كسرى فأطعمه الفالوذج فاستطابه وسأل كيف يصنع فقيل له أنه لباب البر يلبك بالعسل فابتاع غلاماً يصنعه له ورجع إلى مكة وصنع الفالوذج ودعا إليها أصحابه وممن أكلها أمية بن أبي الصلت فقال يمدحه:
لكل قبيلة رأس وهادي ... وأنت الرأي تقدم كل هادي
له داع بمكة مشمعل ... وآخر فوق دارته ينادي
إلى ردح من الشيزى ملاءٍ ... لباب البر يلبك بالشهاد
قال الجاحظ ومن اشرف ما عرفوه من الطعام ولم يطعم الناس أحد منهم ذلك الطعام إلا عبد الله بن جدعان وهو الفالوذق.
هكذا كانت الأطعمة في الجاهلية وأما في الإسلام فكان فيها في أخبار أهل الصدر الأول وخصوصاً في أخبار أبي بكر وعمر وعلي وعمر بن عبد العزيز من الزهد والتقشف ما يعجب منه كل من عرف أنهم فتحت لهم كنوز الأرض فعفوا عنها. ولما اشتدت حاجة عمر بن الخطاب أراد بعض الصحابة ومنهم عثمان وعلي وطلحة والزبير أن يزيدوه في رزقه فعزموا أن يأتوا حفصة ويسألوها ويستكتموها فدخلوا عليها وأمروها أن تخبر بالخبر عن نفر ولا تسمي له أحداً إلا أن يقبل وخرجوا من عندها فلقيت عمر في ذلك فعرفت الغضب في وجهه وقال: من هؤلاء؟ قالت: لا سبيل إلى علمهم حتى أعلم رأيك. فقال: لو علمت من هم لسوءت وجوههم أنت بيني وبينهم. أنشدك الله ما أفضل ما اقتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت ثوبين ممشقين كان يلبسهما للوفد ويخطب فيهما للجمع قال: فأي الطعام ناله عندك أرفع فقالت: خبزنا خبزة شعير نصيبنا عليها وهي حارة أسفل عكة لنا فجعلناها هشة دسمة فأكل كنها وتطعم منها استطابة لها قال: فأي مبسط كان يبسطه عندك كان أوطأ قالت كساء لنا ثخين كنا نربعه في الصيف فنجعله تحتنا فإذا كان الشتاء بسطنا نصفه وتدثرنا بنصفه قال: يا حفصة فأبلغيهم عني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدر فوضع الفضول مواضعها وتبلغ بالترجية وإني قدرت فوالله لأضعن الفضول مواضعها ولأتبلغن بالترجية وإنما مثلي ومثل صاحبي كثلاثة سلكوا طريقاً فمضى الأول وقد تزود زاداً فبلغ