ثقم اتبعه الآخر فسلك طريقه فأفضى إليه ثم أتبعه الثالث فإن لزم طريقهما ورضي بزادهما لحق بهما وكان معهما وإن سلك غير طريقهما لم يجامعهما.
ولقد كان عمر بن الخطاب يشدد على عماله حتى لا يسترسلوا في التنعم بالأطايب فتقسى قلوبهم ويكونوا قدوة في الترف للرعية قال الربيع بن زيادة الحارثي: كنت عاملاًً لأبي موسى ألشعري على البحرين فكتب إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأمره بالقدوم عليه هو وعماله وأن بيستخلفوا جميعاً قال: فلما قدمنا أتيت يرفأ فقلت يا يرفأ مسترشد وابن سبيل أي الهيئات أحب إلى أمير المؤمنين أن يرى فيها عماله: فأومأ إلي بالخشونة فاتخذت خفين مطارقين ولثت عمامتي على رأسي فدخلت على عمر فصففنا بين يديه فصعد فينا وصوب فلم تأخذ عينه أحداً غيري فدعاني فقالك من أنت. قلت: الربيع بن زياد الحارثي قال: ما تتولى من أعمالنا. قلت: البحرين. قال: كم ترزق قلت: ألفاً. قال كثير فما تصنع به قلت: أتقوت منه شيئاً وأعود على أقارب لي فما فضل عنهم فعلى فقرءا المسلمين قال: فلا بأس ارجع إلى موضعك. فرجعت إلى موضعي في الصف فصعد فينا وصوب فلم تقع عينه إلا علي فدعاني فقال: كم سنك قالت: خمس وأربعون سنة قال: الآن حين استحكمت ثم دعا بالطعام واصحابي حديث أمرهم بلين العيش وقد تجوعت له فأتى بخبز وأكسار بعير فجعل أصحابي يعافون ذلك وجعلت آكل فأجيد فجعلت أنظر إليه يلحظني من بينهم ثم سبقت مني كلمة تمنيت أني سخت في الأرض فقلت: يا أمير المؤمنين إن الناس يحتاجون إلى صلاحك فلو عمدت إلى طعام ألين من هذا فزجرني ثم قال: كيف قلت فقال: أقول يا أمير المؤمنين أن تنظر إلى قوتك من الطحين فيخبز لك قبل إرادتك إياه بيوم ويطبخ لك اللحم كذلك فتؤتى بالخبز ليناً واللحم غريضاً فسكن من غربه وقال: أههنا غرت قلت نعم: فقال ريا ربيع أنا لو نشاء ملأنا هذه الرحاب من صلائق وسبائك وصناب ولكني رأيت الله عز وجل نعى على قوم شهواتهم فقال: أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا، ثم أمر أبا موسى بإقراري وأن يستبدل بأصحابي.
نعم لو أراد عمر أن يملأ داره من هذهالطيبات التي عدها وهي أتقن شيء في نظره وأغلاه لما تعذر عليه بعد أن فتح المسلمون فارس والشام في عهده ولكن نفسه العظيمة أبت إلاالتقشف ومثله بعض عماله حتى أن أبا عبيدة لما هزم الفرس في كسكر من أعمالهم جمع