النادر وسعة الإطلاع إلا أنه أنحى عليه لسوء عقيدته وقال في آخر ترجمته ومرض فلم أصل إليه ومات فلم أصلِّ عليه.
وفي الكتاب رسائل وخطب وقصائد ومقطعات لا تخرج عن الأسلوب المألوف لأهل ذلك العصر ومنها وصية لجلال الدين الدشنائي كتبها لابنه تاج الدين يقول فيها:
ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشداً. يا بني أرشدك الله وأيدك أوصيك بوصايا إن أنت حفظتها وحافظت عليها رجوت لك السعادة في دينك ومعاشك بفضل الله ورحمته إن شاء الله تعالى ولا قوة إلا بالله. أولاها وأولاها مراعاة تقوى الله تعالى تحفظ جوارحك كلها من معاصي الله عز وجل حياء من الله والقيام بأوامر الله عبودية لله. ثانيتها لا تستقر على جهل ما تحتاج إلى علمه وثالثتها أن لا تعاشر إلا من تحتاج إليه في مصلحة دينك ومعاشك. وراعتها أن تنصف من نفسك ولا تنتصف لها إلا لضرورة وخامستها أن لا تعادي مسلماً ولا ذمياً وسادستها أن تقنع من الله بما رزقك من جاه ومال وسابعتها أن تحسن التدبير فيما في يديك استغناء به عن الخلق وثامنتها أن لا تستهين بمنن الرجال عليك وتاسعتها أن تقمع نفسك عن الخوض في الفضول بترك استعلام ما لم تعلم والإعراض عما قد علمت وعاشرتها أن تلقى الناس مبتدئاً بالسلام محسناً في الكلام منطلق الوجه متواضعاً باعتدال مساعداً بما تجد إليه السبيل متحبباً إلى أهل الخير مدارياً لأهل الشر متبعاً في ذلك السنة اللهم أهله لامتثالها.
وغالب ما ورد فيه من المنظوم أشبه بشعر العلماء منه بشعر الشعراء على أنه لا يخلو مما يستجاد كقول الأمير مجير الدين بن تميم اللطمي:
أعيذك أني بين أهلي وجبرتي ... وحيد لديهم عادم ودٍّ مشفق
اقلب طرفي لا أرى لي مؤنساً ... لعمرك فيهم غير طرس منمق
يحدثني عن حسن أحوال من مضى ... ويخبرني عن قبح أحوال من بقي
وقول تفي الدين بن دقيق العيد:
تمنيت أن الشيب عاجل لمتي ... وقرَّب مني في صباي مزاره
لآخذ من عصر الشباب نشاطه ... وآخذ من عصر المشيب وقاره