بعادم علم الطرف السهادا ... ونفر عنه في الليل الرقادا
وبات بليل أرمد ليس يرجو ... لليل بات يشهره نفادا
كأن الليل فارقه حبيب ... فلم ينزع لفرقته الحدادا
فما للدهر لا ينفك يهوى ... مخالفة الذي أهوى عنادا
يباعد من أريد له دنواً ... ويدني من أريد له بعادا
كأن عليه ميثاقاً ووفى ... به أن لا يبلغني المرادا
ومن طريف ما رواه أن ناظم هذه الأبيات ادعى أنه كان ينظم القصيدة ويجعلها في ديوان أبي تمام ثم يعرضه على الناس فلا يميزون بين الشعرين فقال له أحد الأدبلاء أنت لا تمدح شعرك وإنما تذم الناس.
وقول أنجب الدين الإسنائي:
ألحاظكم تجرحنا في الحشا ... ولحظنا يجرحكم في الخدود
جرح بجرح فاجعلوا ذا بذا ... فما الذي أوجب جرح الصدود
هكذا نسبهما لأنجب الدين نقلاً عن العماد في الخريدة. قلت وقد وهم الشيخان فالبيتان لولادة بنت المستكفي لا يكاد يختلف في ذلك اثنان وقد وقفت على أوهام من هذا القبيل فرطت من بعض الأئمة فنسبوا أشياء لغير قائليها أما لاشتباه في الأسماء أو لسهو عرض وحلّ من لا يسهو وربما أفردت نبذة لذكرها إن شاء الله.
ومن غريب ما رأيته فيه من المنظوم نوع من الزجل تكرر ذكره سماه المصنف (بليقة) وجمعها على بلاليق مما يدل على أن اللام في المفرد مشددة ولا أدري أكانت البليقة تطلق عندهم على كل ما نسميه اليوم زجلاً أو هي خاصية بنوع منه فمنها قول هبة الله الأفودي وقد سئم من قراءة الفصول لابن معظ في النحو:
يا قوم واش هذا الفضول ... نقرا الفصول
الملحة نقرا يا فلا ... أو مختصر شيت والبيان=هذا يجنن بالضمان
لسائر أرباب العقول
من قوله معد يكرب ... القلب أضحى منكرب=وبيت عقلي قد خرب
وشرح حالي فيه يطول