سياحته
ومذ جاوز الرازي الثلاثين واغتدى ... مدلاً على أقرانه أي إدلال
رأى في تمام العلم للمرء أنه ... يسيح بضري في البلاد وتجوال
ما العلم إلا بالسياحة إنها ... لمن علموا في علمهم درس أعمال
فقام وشد الرحل والغرز وامتطى ... لقطع الفيافي متن هوجاء شملال
فجاء بلاد الشام تواً وجازها ... إلى مصر في وخد حثيث وأرقال
وخاض عباب البحر للغرب قاصداً ... مواطن للإسلام لم يسلها السالي
ففيها اجتلاه العز مذ لاح طالعاً ... لها كهلال يجتلى عند إهلال
وحل حلول البدر في السعد نائلاً ... بقرطبة آماله ناعم البال
وهب هبوب الريح ثمة ذكره ... يطير على صيت من العلم جوال
وودعها من بعد ذلك راجعاً ... إلى مصر لا توديع مستكره قال
ومنها إلى بغداد سافر قاطعاً ... إليها الفلا ما بين حل وترحال
فألقى عصا التسيار في عرصاتها ... بمغرس عرفان ومنبت أفضال
وبغداد كانت وهي إذ ذاك جنة ... بها العلم أجرى منه أنهار سلسال
كأن رجال العلم في غرفاتها ... بلابل تشدو غدوة بين أدغال
فكم محفل للكتب فيه خزانة ... وكم مرصد دان وكم مرقب عال
ولما غدا الرازي ببغداد باسطاً ... من العلم أبواعاً له ذات أطوال
أقيم لمارستانها عن كفاءة ... رئيساً بتطبيبي وتدبير أحوال
فرتب مرضاه وأصلح شأنه ... بما كان لم يخطر لسابق أجيال
وظل به يسعى طبيباً ممرضاً ... ويبذل جهداً لم يكن فيه بالآل
ويلقي السريريات وهي مسائل ... لدى سُرر المرضى تقرر في الحال
قثد كان يلقيها على القوم ناطقاً ... بأوضح تبيان وأحسن إملال
مآثره العلمية
لقد أشغل الرازي ببغداد شغله ... عدا الطب فغي الكمياء أعظم أشغال
فقضى بها أيامه في تجارب ... وواصل أبكاراً لهن بآصال