ويلبسون في أرجلهم نعالاً منوطة بسيور. ويقضون حياتهم في التوفر على أعمالهم فالرجال يصطادون دون أن يحرثوا أو النساء يغزلن الصوف وينسجن الأقمشة ويطحن الحبوب ليجعلنها براً. ولم يكن للرومانيين من ضروب التسلية إلا أن يذهبوا كل تسعة أيام إلى السوق أو يحضروا الأعياد التي تقام إكراماً للأرباب.
كان يرى قدماء الرومان أن الرجل الشديد هو غاية ما تطمح إليه الآمال ويقال أن سينسيناتوس كان يسوق محراثه بنفسه عندما أتاه نواب الأمة من قبل مجلس الشيوخ يدفعون إليه الأمر بتنصيبه. ولم يكن عند فابريسيوس من الأواني غير كأس ومملحة من فضة. وكان كوريوس وأنتاتوس وهو غالب السامنتيين جالساً على مقعد يأكل بقولاً في قصعة من خشب عندما أتاه مندوبو السامنتيين ليقدموا له المال فقال لهم: اذهبوا وقولوا للسامنتيين أن كوريوس يؤثر أن يقود من عندهم ذهب أكثر مما يؤثر أن يكون هو مالكاً له. هذه هي بعض الأقاصيص التي يروونها عن قواد الأزمنة القديمة وسواء أكانت حقيقة أو ملفقة فإنها تدل على ما كان الرومانيون بعد يذهبون إليه بشأن قدماء أجدادهم.
الأخلاق الجديدة: أخذ كثير من الرومانيين بعد القرن الثاني ولاسيما طبقة الأشراف يقلدون الأجانب. وكان زعماؤهم قواداً رأوا بلاد اليونان والشرق عن أمم فكتبت الغلبة لسبيون على ملك سورية ولفلامنيوس وبولس أميل على ملوك مكدونية ثم للوكلوس على ملك أرمينية. فعزفت نفوسهم عن الحياة القاسية الصعبة التي كان عليها أجدادهم وأخذوا يسيرون في حياتهم على البذخ والرفاهية وما زال الحال كذلك حتى نسج على منوالهم عامة النبلاء والأغنياء بحيث لم يطلع فجر القرن الأول حتى لم يعد في إيطاليا إلا سادة عظام يعيشون المعيشة الشرقية أو اليونانية.
يرى الشرقيون من دواعي العجب أن يعرضوا للأنظار الأقمشة البديعة والأحجار الكريمة وأثاث الفضة وأواني الذهب وأن يستكثروا في بيوتهم من الخدم على غير طائل وأن ينشروا على الشعب المجتمع دراهم ليدهشوهم فكانوا يرغبون في الأعلاق النفيسة النادرة أكثر من رغبتهم في النفائس الجميلة المناسبة.
وأصبح للرومان على شدة عجبهم وضعف استعدادهم في الصناعات ذوق في هذا الضرب من البذخ فكانوا قلما يحفلون بالجمال أو بالموافق ولم يعرفوا قط إلا الأبهة والفخفخة