عناصر من الناس، أحدهم الغاليون وهم يشغلون القسم الأعظم من البلاد أي جميع فرنسا الواقعة بين نهر الغارون ونهر السين ويصفهم اليونان والرومان بأن هؤلاء السكان من الرجال العظام بيض البشرة شقر الشعور زرق العيون طوال السبلات يأكلون اللحوم ويسكرون بنبي السرفواز (ضرب من الجعة) أو بشراب الأيدرومل وهم أشد شبهاً بالجرمانيين منهم بالفرنسيس اليوم. وكان السواد الأعظم من هذه الأمة يعيش شقياً في الأكواخ لا شأن لهم في إدارة شؤون بلادهم يخضعون لكبار أرباب الأملاك الذين يقاتلون راكبين صهوات خيولهم ويدعوهم قيصر بلافرسان ويذكرهم كما يذكر محاربين شجعاناً للغاية ولا يبعد أن يكون هؤلاء الفرسان الغاليون شبيهين بالجرمانيين هم من الفاتحين نزلوا وسط شعب أصغر منهم أجساماً أشقر أصهب يشبه الشعب النازل اليوم في البلاد الغربية أي فرنسا وإيرلاندا وبلاد الغال.
والقسم الثاني من تلك العناصر الثلاثة هم البلجيكيين نزلوا البلاد الواقعة في شمالي السين إلى نهر الرين وهم يشبهون كما كان يقول الرومان الجرمانيين النازلين في الشاطئ الآخر من نهر الرين والظاهر أنهم كانوا أقل اختلاطاً بالشعب القديم من الغاليين وأحسن الفرسان فيهم كانوا يقاتلون راكبين.
والقسم الثالث من تلك العناصر هم الآكيتيون نزلوا في جنوبي نهر الغارون وهم ضئال الأجسام شجعان يشبهون الإيبريين في إسبانيا ويتكلمون بلغة إيبرية ويعتبرون سائر شعوب غاليا كأنهم غرباء وهؤلاء خضعوا لقيصر أول الأمر. وبعد فلم يكن الغاليون والبلجيكيون والآكتيون أمماً معدودة بل لم يكن ثمة غير شعوب صغيرة يسمو إلى قدرها على نحو ثلاث أو أربع من مقاطعاتنا اليوم وكل مقاطعة تؤلف حكومة مستقلة ودعاها قيصر سيفيتا أي التي يحكمها كما يشاء وتحارب غيرها. وكان لبعض تلك الحكومات ملك ويحكم معظمها مجلس من الأشراف (الفرسان) وكان للكهنة عند الغاليين سلطة كبرى.
لم تبرح تلك الشعوب على حالة من التوحش بعد تعيش بما تنتجه لها ماشيتها وما مدنها إلا أسوار صغيرة محصنة يجعلون فيها مواشيهم وعيالهم إبان الحرب ولئن كان معظم البلاد غابات وحراجاً فقد بدؤا يزرعون حنطة ليتيسر أن تطعم جيشاً رومانياً بأسره.
جاء قيصر ينوي فتح غاليا في جيش اختاره من سكان الولايتين الغاليتين والخاضعتين