تبناه ومضى نصف قرن والإمبراطور أبداً رجل من أسرة أغسطس وأدرك الرومان منذ ذلك فساد هذه الطريقة.
فكان للإمبراطور مدة حياته سلطة متناهية لا حد لها فهو الحاكم على هواه في الأشخاص والأحوال يحكم بالقتل ويصادر الأموال ويهلك من يريد إهلاكه بدون رقيب ولا يقف أمام إرادته حاجز من نظام ولا قانون. حتى قال المشرعون الرومان: إن لأمر الإمبراطور قوة القانون. وبذلك عرفت رومية الاستبداد الذي لا نهاية له على نحو الاستبداد الذي كان يجري في المدن اليونانية استبداداً لم ينحصر في سور ضيق من مدينة بل كان عظيماً كالمملكة. فكما كان في يونان ظالمون أهل حشمة ووقار كان في رومية إمبراطرة حكماء محتشمون ولكن قل في هؤلاء من لم يستهوهم دوار السلطة عندما يرون أنهم بلغوا أرقى رتبة يصل إليها إنسان. ومن إمبراطرة رومية من لم يستخدموا سلطتهم التي لم يسمع بمثلها إلا لترسل أسماؤهم كالأمثال فضرب المثل بنيرون وظلمه وبكلود خليفة تيبر وسخافته وكاليجولا وجنونه المطبق وتقليده حصانه رتبة قنصل وتطاوله إلى أن يعبد كالأرباب. فكان الإمبراطرة يضطهدون الأشراف خاصة ليحولونهم عن كيد المكايد ويضغطون على الأغنياء ليصادروا أموالهم.
وكانت هذه السلطة المتناهية سيئة النظام وهي تتمثل كلها في شخص الإمبراطور ومتى هلك يبحث فيما أتاه من الأعمال. كان القوم عارفين بأن العالم لا يستغني عن سيد ولكن ليس في شريعة ولا عادة ما يستدل به على ماهية ذاك السيد. فكان من حق مجلس الشيوخ وحده أن يعين الإمبراطور ولكنه يختار أبداً بالقوة من اختاره الإمبراطور السالف أو رضي عنه الجند.
ولقد عثر حراس القصر الإمبراطوري بينا كانوا يبحثون فيه عقيب وفاة الإمبراطور كاليجولا على رجل اختبأ وراش الفرش وهو ترتعد فرائصه فرأوا أنه من أنسباء كاليجولا فعينه الحرس إمبراطوراً وكان هو الإمبراطور كلود.
الحرس الإمبراطوري: كان يحظر زمن الجمهورية على القائد أن يأتي في جيشه إلى المدينة فأصبح الإمبراطور رئيس الجيوش كلها وله في رومية حرس عسكري مؤلف من نحو عشرة آلاف رجل أقاموا منذ عهد تيبر في ثكنة حصينة بالقرب من المدينة. وينتخب