والمتاجر تنقل في الماء أي في البحار وفي الأنهار أكثر من الطرق التي يقتضي لها عجلات ثقيلة لنقل تلك المتاجر. فكانت المتاجر تنقل إلى رومية من طريق البحر خاصة فتقلها السفن إلى مرفأ أوستي عند مصب نهر التيبر ومنها توسق في قوارب تصعد النهر حتى تصل إلى سفح جبل أفنتين وتنزل شحنها في مرفأ رومية. وكانت البضائع الخاصة ببقية إيطاليا تفرغ في مرفأ بوزول في خليج نابولي ومنها يرسلونها في الطرق وإذا تيسر لهم يرسلونها في قوارب تسير على الشاطيء أو تجري صعداًَ في الأنهار تجرها الخيول.
وكانت رومية وأيطاليا تصرفان أكثر مما تنتجان فتجارتهما خاصة تجارة واردات وكان تجار من الطليان ينزلون في أهم مرافئ العالم يجمعون فيها حاصلات كل بلد ليبعثوا بها إلى رومية. وكنت تجد في كل بلد مركزاً للتجارة مثل بلرمة في صقلية وقرطاجنة في أفريقية والإسكندرية في مصر ومن هذه البلاد كانت تجلب إلى رومية الحبوب والزيت والفاكهة والقول الناشفة ومن المراكز التجارية أفيز في آسيا الصغرى وإنطاكية في سورية ومنها كانوا يرسلون الأصواف والأقمشة والحنطة التي تخرجها البلاد الداخلية. ومن هذه المراكز أولبيا على شاطئ البحر الأسود وإليها كانت تأتي حنطة روسيا. ومنها قادش في إسبانيا كانت ترسل إلى رومية فضة المناجم وأوباربتنكيا (في الأندلس) ومن هذه المراكز ناربون وأرل في غاليا كانا يجلب إليهما من نهر الرون جلود بلاد الغال وأخشابها (أما مارسيليا فكانت سقطت منزلتها القديمة ومرسى فريجوس أصيح ميناءً حربياً).
وكان الرومانيون يجلبون أيضاً بضائع من خارج فيبعث إليهم الشرق بأدوات الزينة والرفاهية كالعطور والباريز (الفلفل وجوز الطيب والزنجبيل) والنيلة والعاج والأحجار الكريمة وأقمشة الصوف والحرير والعبيد السود والحيوانات النادرة (ولا سيما القرود فكانت تجلب إلى افسكندرية من طريق البحر الأحمر أو في النيل وتأتي إلى إنطاكية من طريق الخليج الفارسي وبادية الشام (مع القوافل) أو إلي أولبيا من طريق بلاد فارس وبحر الخزر وكان الرومان يستخرجون من بلاد الشمال المواد التي لم تهذبها يد الصناعة مثل عنبر البلطيق وقصدير إنكلترا وكان يأتي من طريق غاليا الجلود والأديم والشمع وشعور النساء والعبيد.
أغسطس: مات أغسطس ولم يخلف وريثاً يرثه مباشرة فخلفه ابن زوجته تيبر وهو الذي