الصقالبة. وقد أطلق على الشعب الذي يسكن اليوم السهول في شمالي الدانوب اسم رمية فيدعى الروماني ويتكلم بلغة مشتقة من اللاتينية كالإفرنسية والإسبانية.
حارب تراجان البارثيين أيضاً فجاز الفرات واستولى على المدائن وهي عاصمتهم وتوغل في إحصاء البلاد إلى فارس ودخل إلى سوس وأخذ منها عرش ملوك فارس المعمول من الذهب الأصم. وأنشأ أسطولاً على دجلة ونزل في النهر حتى مصبه وأبحر في خليج فارس واستخلص من البارثيين البلاد الواقعة بين بلاد الفرات ودجلة وجعلها ولايتين رومانيتين بيد أن هاتين الولايتين انتفضتا بعد سفر الجيش الروماني.
أما الأنطونيان الأخيران وهما أنطونين ومارك أوريل فقد شرفا الإمبراطورية بفضائلهما وكان كلاهما يعيش ببساطة كما يعيش الأفراد على غناهما دون أن يكون لهما ما يشبه قصراً أو سراياً وأن يشعرا بأنه كانت لهم سلطة وسيادة.
ولقد لقب مارك أوريل على العرش بالحكيم وكان يحكم البلاد مدفوعاً بعامل الواجب على غير إرادته ومع أنه كان يؤثر هذا قضى حياته في الحكم وقيادة الجيوش. وإنك لترى فيما خطه في تذكرته البيتية من أفكاره صورة الفيلسوف الرواقي الصالح الزاهد العازف عن العالم وهو على جانب من اللطف والحلم قال: أحسن الأساليب في الانتقام من الأشقياء هو أن لا يعمل المرء عملهم والأرباب أنفسهم يعطفون على الأشقياء فلك أن تقتدي بالأرباب.
ولقد كان مارك أوريل يأخذ برأي مجلس الشيوخ في عامة المسائل ويحضر جلساته بدون انقطاع. ولقد وقف في وجه كثير من الشعوب البربرية الجرمانية يرد غاراتها ويدفع عادياتها تلك القبائل التي اجتازت الطونة على الجليد ودخل إلى شمالي إيطاليا واقتضى له أن يؤلف جيشاً فجند عبيداً وبرابرة (١٧٢) فانسحب الجرمانيون ولكن بينا كان مارك أوريل مشغولاً في سوريا بقتال أحد القواد المتمردين عادوا على أعقابهم وهاجموا الإمبراطورية ومات مارك أوريل على ضفاف الطونة (١٨٠).
ولما وقفت الفتوح (بعد تراجان) كانت الإمبراطورية تمتد على طول جنوبي أوروبا كلها وعلى طول الشمال من إفريقية والغرب من آسيا ولا يقف في سبيلها إلا الحدود الطبيعية فمن الغرب البحر المحيط ومن الشمال جبال إيكوسيا ونهر الرين والطونة وقافقاسيا ومن الشرق بوادي الفرات وبلاد العرب من الجنوب شلالات النيل والصحراء الكبيرة. فكانت