السيفيريون: بدأت الفتن الأهلية بعد عهد الإمبراطرة الأنطونيين فذبح الحرس الإمبراطوري سنة ١٩٣ الإمبراطور برتيناكس ورأوا أن يضعوا المملكة في المزاد فتقدم طالبان يريدان ابتياعها أحدهما سولبسين تقدم على أن يعطي كل جندي خمسة آلاف فرنك والثاني ديديوس رفع ما يدفعه لكل جندي إلى ستة آلاف فرنك فحمله الحرس إلى مجلس الشيوخ وعينوه إمبراطوراً ثم لم يستطع القيام بما تعهد به فذبحوه.
وفي خلال ذلك بويع بالملك ثلاثة قوادة لثلاثة جيوش وهما قائد برتانيا وقائد إيليريا وقائد سوريا وسار هؤلاء الثلاثة المتنافسون إلى رومية فوصلت فرق إيليريا قبل غيرها فعين مجلس الشيوخ القائد سبستم سيفير إمبراطوراً على رومية فنشبت عند ئذ حربان سالت فيهما الدماء أنهاراً إحداهما لمدافعة جيش سوريا والأخرى لمدافعة جيش برتانيا وظلت لسيفير الكلمة النافذة مدة سنتين وهو الذي أوجز سياسته في كلمتين فقال أيها الأبناء ارضوا الجند واهزؤوا بمن بقي.
الفوضى والغارة: مضى قرن ولم يكن قاعدة في الحكومة غير إرادة الجند وكان في الإمبراطورية ما خلا جيش الحرس الصغير في رومية عدة جيوش كبيرة على نهر الرين والطونة والشرق وإنكلترا. وكل جيش يود أن يجعل قائده إمبراطوراً والمتنافسون يتقاتلون حتى كتبت الغلبة لواحد فحكم بضع سنين ثم قتل وإذا أسعده الحظ بنقل السلطة إلى ابنه من بعده فالجيش يتمرد على ابنه ذاته وتعود نار الحرب تستعر.
وفي ذاك الحين نشأن أمبراطرة غرائب في أطوارهم فكان إيلاجابال كاهناً سورياً لبس ثياب امرأة وترك أمه تؤلف مجلس شيوخ من النساء (مجلس شيخات وعجائز) ومنهم الإمبراطور ماكسيمان وهو جندي بالعرض وجبار قاس وسفاك كان يأكل على ما يقال ٣٠ لبرة من اللحم ويشرب عشرين لبرة من الخمر. وجاء زمن على هذه المملكة والذين يدعون الإمبراطوية ثلاثون إمبراطوراً انقطع كل منهم إلى ناحية من المملكة (٢٧٨ ـ ٣٦٠) وسمى كل واحد نفسه إمبراطوراً فدعي هؤلاء الثلاثون بالثلاثين ظالماً.
وبينا جند البلد مشغولون بقتال بعضهم كان يرى البرابرة أن التخوم خالية من الحامية