فيه خاله بلين القديم. وكان المعلوم أن هذا البركان أخرب مدينتين صغيرتين نزهتين وهما هركولانوم وبومبي ولكن لم يعرف أحد موقعهما. واكتشفت في القرن الثامن عشر بالعرض مدينة هركولانوم مغشاة بطبقة من الحمم ثم كشفت مدينة بومبي مدفونه تحت طبقة من الرماد وحجر الكدان. وبدئ البحث في هركولانوم فعثر فيها على تماثيل صغيرة جميلة ومدارج مخطوطة محروقة توصل العلماء إلى حل بعضها ولكن حالت صعوبة العمل في الحمم فوقف الباحثون عن التوافر على ما كانوا بدؤوا به. وآثروا أن يبحثوا في بومبي حيث يسهل نزع الرماد وقد مضى القرن التاسع عشر بأجمعه والهمم متوفرة على نزع الرماد عن المدينةحتى كادت تظهر بأسرها الآن كما كانت.
ظهرت بومبي للأنظار على ما كانت عليه قديماً وقد سقطت السقوف من ثقل الرماد وفر السكان من كثير من البيوت عند وقوع هذا البلاء ثم عادوا يفتشون عن أهم الأعلاق وأنفس النفائس. وما برحت الحيطان قائمة ولم تمح منها الإعلانات المكتوبة بالحمرة بل ما زلت ترى فيها الخطوط التي خطها المارة بالفحم وسلمت الشوارع وبلاطها المحفور بسير المركبات والعجلات. وقد وجدوا أيضاً على الرماد ما تركته جثث الذين هلكوا اختناقاً من الرسوم وقد توصلوا بأن جعلوا جبساً مائعاً في تلك الرسوم وأخرجوها فكانت قوالب لتلك الأجساد الميتة.
العيشة الرومانية: تصور بومبي للفكر كيف كانت العيشة في مدينة رومانية صغيرة فقد كانت هذه المدينة حديثة البناء ذات شوارع مصفوفة مقطوعة إلى زوايا قائمة ومبلطة ببلاط محكم الأجزاء ولها أرصفة إلا أن الشارع الأعظم كان معرجاً وبلغ من ضيقه أن كان يتعذر على مركبتين أن تلتقيا في وسطه.
ولم يكن للمساكن غير نوافذ صغيرة وقليلة تطل على الشارع بل كانت للغرفة كلها نوافذ من وسط الدور يدخل إليها النور. وبهذا عرفت أن الشوارع كانت محاطة بحيطان ما عدا الشوارع الرئيسية وعلى طولها صفوف من الحوانيت يستأجرها السوقة والباعة.
وساحة المدينة متوسطة الحجم تحيط بها المباني والمصانع مثل ديوان مجلس شيوخ المدينة ومعابد صغيرة ومحاكم وسوق مسقوف ورواق ذو عمد وفيه كان يجتمع أهل البطالة وفيها داران للتمثيل حفر القسم الأعظم من الكبير فيهما في أكمة وهو يسع خمسة آلاف متفرج