للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والحساب وهم لا يطلبون على ذلك مزيداً فلا يعلمونهم الموسيقى ولا الشعر ويلقنونهم القناعة والصمت والحشمة في مآتيهم والطاعة في منازعهم.

أبو العائلة: إن من يطلق عليه اسم سيد البيت يدعوه الرومان أبا الأسرة فأبو الأسرة مالك للأملاك وكاهن في عبادة الأجداد وسلطان الأسرة فهو الحاكم المتحكم في بيته يحق له أن يطلق زوجته ويطرد أبناءه وأن يبيعهم ويزوجهم بدون أن يأخذ رأيهم. ويحق له أن يستأثر بما يملكونه لنفسه بل وكل ما تحمله إليه زوجه وكل ما يكسبه أولاده. إذ لا يسوغ للمرأة ولا لأولادها أن يملكوا شيئاً وبالجملة فبيده حياتهم ومماتهم أي أنه قاضيهم الوحيد وإن ارتكبوا جريمة فرب الأسرة يحكم عليهم لا الحاكم.

أصدر مجلس الشيوخ ١٨٦ الروماني أمره ذات يوم بإعدام جميع من اشتركوا في الاحتفال بعبدة باخوس فنفذ الحكم على الرجال أما النساء اللائي اشتركن في الحفلة مع المجرمين فعمد المجلس إلى آباء الأسرات في أمرهن وهم الذين أعدموا نسائهم وبناتهم وكان الشيخ كاتون يقول: إن الزوج قاضي امرأته له أن يعمل بها ما يشاء فإذا ارتكبت غلطاً يعاقبها وإذا تناولت الخمر يحكم عليها بالإعدام وإذا خانت يقتلها ولما كان كاتالينا يكيد المكايد لمجلس الشيوخ لاحظ أحدهم أن ابنه اشترك في المدية فأوقفه وحاكمه فحكم عليه بالموت. وتدوم سلطة أبي السرة بدوام حياته والابن يخلص من عبوديته له حتى أنه إذا أصبح قنصلاً يظل خاضعاً لسلطة أبيه. ومتى مات الأب يصبح الأولاد أصحاب بيوت أما امرأته فلا تكون حرة أصلاً بل تكون تحت سيطرة وريث زوجها بل تخضع لابنها نفسه.

التملك: كانت الثروة في القرون الأولى لرومية عبارة عن ماشية وعبيد خصوصاً واللفظ الذي دل بعد على الدراهم معناه قطع ويسمى المالك رب الأسرة. ومن المحتمل أن الأرض لم تكن تنتقل بالإرث لأن لفظة إرث عندهم تدل على أرض مساحتها فدانان وهو المكان الذي يكفي لإنشاء بيت وحديقة. ولم يلبث الرومانيون أن قبلوا عادة اعتبار المالك لحقل صاحباً له وعندئذ وضع حق التملك للماشية والعبيد والأراضي والبيوت وكانوا يعرفونه بأنه حق الانتفاع والتخريب (الاستعمال وسوء الاستعمال).

ثم صار لهذا الحق أن يتناول كل شيء من الحاجات والأثاث والدراهم والعقود والديون وحقوق الاستمتاع. ويجب على من أراد أن يملك شيئاً أن يملكه على الصورة التي عينتها