للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

منبع التقنين الروماني بأسره وكان الأولاد في المدارس يستظهرونها بعد أربعة قرون من وضعها.

الإشارات في الدعاوي: لا يكفي بموجب هذا القانون الروماني القديم اتفاق الأشخاص في مسائل البيع والشراء والإرث فلا يكفي لأجل أخذ حكم المحكمة الرومانية أن يعرض الإنسان قضية بل يجب عليه أن يلفظ عدة كلمات ويقوم ببعض إشارات تقضي بها العادة وكل قضية تقام أمام المحكمة يجري تمثيلها بالإشارات. فللمطالبة بشيء يمسكه المدعي بيده وللاحتجاج على جار رفع حائطه على جاره يرمون بحجر على الحائط. وهاك ما يجري إذا اختلف اثنان في ملكية حقل. يأخذ الخصمان بأيديهما كأنهما يريدان أن يتضاربا ثم يفترقان. ويقول كل منهما: أصرح بأن هذا الحقل لي بموجب حقوق الرمانيين فأنا أدعوك باسم محكمة القاضي إلى مكان الحقل ليفصل فيه بيننا فيأمرهما القاضي أن يذهبا إلى الحقل قائلاً لهما: اذهبا فهذا طريقكما أمام الشهود الحاضرين. فيخطوا المتخاصمان بضع خطوات كأنهما ذهبا وفي ذلك رمز إلى ذهابهما. فيقول لهما أحد الشهود: ارجعا. وبذلك إشارة إلى أنهما ذهبا إلى الحقل فيقدم كل من الخصمين مدرة من التراب وهي إشارة للحقل. وهكذا تبدأ الدعوى وعندئذ يستمع القاضي للمتخاصمين. والرومانيون كسائر الشعوب القديمة لا يحسنون فهم غير ما يقع تحت أنظارهم فبالماديات يتمثلون الحق الذي لا يرى.

ولقد كان الرومان يحترمون هذه الأشكال القديمة من الأحكانم من وراء الغاية فكانوا في القضاء كما هم في الدين يطيعون نص القانون دون أن يهتموا بالبحث عن معناه وعندهم أن كل دستور مقدس تجب المبالغة في تنفيذه ومن الحكم الجارية في قضاياهم أن كل ما يفوه به اللسان يكون حقاً. فإذا غلط صاحب الدعوى في إيراد مدعاه يخسر قضيته وإذا أقام رجل قضيته على جاره لأنه قطع له كرمة يجب أن تكون الصورة التي يوردها أمام المحكمة حاوية لكلمة (شجرة) فإذا استعاض عنها بكلمة (كرم) لا يحكم له.

واحترام هذه المراسيم على إطلاقها فتح للرومانيين سبيل الوفاق الغريب في أمور كثيرة فالشريعة تقول أن الأب إذا أباع ابنه ثلاث مرات يحرر الولد من سلطة أبيه ومتى أراد روماني تحرير ابنه يبيعه ثلاث مرات متوالية وهذا العمل المضحك في بيعه يكفي