وكانت الشريعة تقضي قبل البداءة بحرب أن يرسل مناد ينادي بها على تخوم العدو. ولما أرادت رومية إعلان الحرب على بيروس ملك إبير الذي كانت مملكته في عبر الأدرياتيك رأت الحكومة الرومانية القيام بهذه المصطلحات أن يبتاع أحد رعايا بيروس وربما كان من الآبقين من الجندية حقلاً من رومية فأوهموا بأن هذا الحقل أصبح أرضاً من بلاد أبير وراح المنادي يلقي فيها حربة ويدعوا فيها للحرب علناً. وكان الرومانيون مثل جميع الأمم الفتية يعتقدون باطلاً أن للمراسيم المقدسة فضيلة سحرية.
الفقه: كانت شريعة الاثنتي عشرة لوحة والشرائع التي وضعت بعد موجزة ناقصة فكانت تعرض مسائل كثيرة لا حل لها في قانون من القوانين الموضوعة. ففي مثل هذه الأحوال الصعبة كانت العادة متبعة أن يعمد إلى الأخذ برأي بعض أشخاص اشتهروا بمعرفتهم في مسائل الحقوق. وكانوا من أهل الاعتبار ومنهم قناصل قدماء أو أحبار فيكتبون آراءهم كتابة وتسمى فتاويهم أجوبة العقلاء. ومن العادة أن يكون لهذه الأجوبة شأن وقيمة لأن أصحابها الحكماء على جانب من الاعتبار والحرمة. وقد زاد الإمبراطور أغسطس بأن عين بعض هؤلاء الحكماء وقرر أن تكون أجوبتهم قانوناً يعمل به. وعلى هذا صار الحقوق علماً وعلماء الحقوق أو الفقهاء المشرعون يضعون القواعد الجديدة التي أصبحت سارية فنشأ بذلك علم الفقه.
أمر القاضي: دعت الحال في رومية إلى نصب حاكم أعلى لينفذ قواعد الحقوق المقدسة وللقنصل أو القاضي فقط أن يديرا شؤون محكمة أو يحقان الحقوق. وإذ كان القناصل يعنون بقيادة الجيش فهم يعهدون في العادة بالنظر في الحقوق إلى القضاة. وكان في رومية قاضيان حاكمان على الأقل يبفصل أحدهما في المسائل التي تحدث بين الوطنيين ويسمى قاضي المدينة وينظر الآخر في الدعاوي التي تنشأ بين الوطنيين والأجانب ويسمى قاضي الأجانب وهناك محكمتان لأن الغريب لا يحاكم أمام محكمة الوطنيين.
وهذا القاضيان بالنظر لما لهما من السلطة المطلقة يفصلان القضايا على ما يتراءى لهما. بل أن قاضي الأجانب لم يكن مقيداً بقانون لأن الشرائع الرومانية لم توضع غلا للوطنيين الرومانيين. ولما كان كل قاض يتولى منصبه في القضاء سنة واحدة فهو يكتب عند دخوله