أمراً يبين فيه القواعد التي ينوي اتباعها في الأحكام ويسمون هذا الأمر أمر القاضي. وبعد سنة عندما تنتهي مدة القاضي يسقط قانونه فيحق لخلفه أن يسن قانوناً مخالفاً لقانون سلفه جملة واحدة ولكن جرت العادة أن يحتفظ كل قاضي بما صدر عن أسلافه من الأوامر فيدخل فيها بعض التبديلات ويضيف إليها بعض الزيادات. وهكذا تجمعت أوامر القضاة قروناً ثم أنشأ الإمبراطور هاردن في القرن الثاني براءة القاضي وجعلها قانوناً مرعي الإجراء.
وإذا كان هناك محكمتان منفصلتان أحداهما عن الأخرى وضعت قاعدتان متباينتان وقانونان مختلفان فتتألف من القواعد المتبعة التي يجري عليها قاضي المدينة في مسائل الوطنيين الحقوق المدنية أي حقوق المدينة ومن القواعد التي يجري عليها قاضي الأجانب تتألف حقوق الناس أي الشعوب (الغريبة عن رومية) فأدرك القوم إذ ذاك أن عدل هذه القواعد في الحقوق وأبسطها وأعقلها وبالإجمال أفضلها الحقوق الأجنبية وأن حقوق الوطنيين المأخوذة ضمن قواعد محصورة عن قدماء الرومان كان فيها خشونة وقواعد بربرية. أما حقوق الناس (الأجانب) فكان أساسها على العكس عادات التجار وعادات أناس من بلاد مختلفة نزلوا رومية وهي عادات سالمة من كل شائبة ووهم وطني أخذت بكرور الأيام وأقرها الاختبار قروناً كثيرة. ورأى القوم كيف كانت الحقوق القديمة مخالفة للعقل. فقد جاء في بعض الأمثال الرومانية أن الحق الناصع هو الذي تفضه سلطة عليا ظالمة وعلى هذا أنشأ قضاة الوطنيين نفس القواعد التي كان قاضي الأجانب يجري عليها في محكمته.
مثال ذلك أن القانون الروماني يقضي أن يرث الأقارب من الذكور فقد إلا أن القاضي دعا الأقارب من النساء أن يشتركن في الإرث. ويقضي القانون القديم بأن لا يكون المرء صاحب ملك إلا إذا قام بالاحتفال في المبيع فاعترف القاضي بأنه يكفي المبتاع أن ينقد البائع ثمن ما ابتاعه وأن يضع يده على الملك حتى يعد مالكاً ـ وأنت ترى أن حقوق الأجانب تغلبت على الحقوق المدنية وأبطلتها.
القانون المسطر: أنشئت الحقوق الرومانية على عهد الإمبراطرة خاصة فأصدر الإمبراطرة الأنطونيون كثيراً من الأوامر واللوائح وكانت هذه رسائل تصدر عن الإمبراطور جواباً