فمن الواجب محبة الغير وإسعافهم ومتى قضى الله بين عباده ويجعل على يمينه من أطعموا الجياع وسقوا العطاش وكسوا العراة. ويقول المسيح لمن يريد ابتاعه أولاً: إذهب فبع مالك وادفعه للفقراء ولقد كان القدماء يعتبرون الشريف والغني والشجاع هو الرجل الصالح إلا أن هذا الاسم تغير معناه منذ جاء المسيح فأصبح الرجل الصالح هو الذي يحب غيره. فعمل الخير هو محبة الغير والسعي في نفعهم. والإحسان (وهو باللاتينية مرادف للحب) أساس التقوى. وغدت لفظة محب مرادفة للفظة محسن. وضع المسيح تعليمه في الإحسان بدلاً من التعليم الإسرائيلي القديم في الانتقام فقال: عرفتم بأنه قيل العين بالعين والسن بالسن أما الآن فأقول لكم إذا ضربكم أحد على خدكم الأيمن فقدموا له الأيسر. وقيل أحبوا بعضكم وابغضوا عدوكم أما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم وافعلوا الخير مع من يبغضونكم وباركوا لمن يضطهدونكم لتكونوا أبناء أبيكم الذي في السماء الذي ينزل المطر على العادلين والظالمين. حتى أن المسيح وهو على الصليب استغفر لجلاديه فقال: اعف عنهم يا رب فإنهم لا يعرفون ما هم فاعلون.
أحب المسيح الناس قاطبة ومات لا من أجل شعب واحد بل من أجل الإنسانية كلها. وما قط ميز بين الأشخاص فكلهم سواء أمام الله. ولقد كانت الأديان القديمة حتى دين إسرائيل دين شعب يحتفظ به ويكتمه بعناية احتفاظه بكنز ثمين دون أن تحدثه نفسه في تبليغه شعباً آخر فقال المسيح لتلاميذه اذهبوا إذاً وعلموا جميع الأمم.
وبعد ذلك قام بولس أحد الحواريين وقرر تعليم المساواة النصرانية بقوله: لم يبق أولون ولا آخرون كما لم يبق روم ولا يهود ولا مطهرون ولا قلف ولا برابرة ولا عبيد ولا أحرار فقد أصبح المسيح هو الكل في الكل.
كان القدماء يذهبون إلى أن الثروة تعلي شأن الإنسان وينظرون إلى أن الكبر عاطفة شريفة فقال المسيح: طوبى للفقراء فإن لهم ملكوت السموات من لم يتنازل عما يملكه لا يكون تلميذاً لي حتى أنه هو أيضاً كان ينتقل من مدينة إلى مدينة ولا سبد له ولا لبد وعندما كان تلاميذه يهتمون للمستقبل كان يقول لهم: لا تقلقوا لما تأكلون ولا لما تلبسون وألقوا بأنظاركم إلى الطيور في السماء فهي لا تزرع ولا تحصد ومع هذا فإن أباكم السماوي متكفل برزقها.
فعلى المسيحي أن يحتقر الثروة وأن يشتد في الازدراء بالعظمة. كان تلاميذه يتنازعون