للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أصبحت كل ولاية مقاطعة كنائسية وسمي أسقف العاصمة وأسقف المركز بعد رئيس الأساقفة. وكثيراً ما ينظر إلى أسقف أعظم مدينة في بقعة بأنه أرقى الأساقفة في تلك الأرجاء وكان أساقفة المدن الرئيسية بالشرق في القدس وانطاكية والإسكندرية والأستانة يدعون بالبطاركة وفوقهم كلهم البابا أسقف رومية وهو الرئيس الأعظم في الكنيسة.

وفي هذا القرن أنشئت المجامع الدينية الكبرى فكان في آسيا الصغرى أولاً مجامع خاصة يجتمع فيها أساقفة ناحية من النواحي وكهنتها. وفي سنة٣٢٤ دعا قسطنطين للمرة الأولى مجمعاً دينياً عاماً من أهل الأرض إلى مدينة نيقية في آسيا الصغرى فحضره ٣١٨ رجلاً من رجال الكنيسة فتناقشوا في المسائل اللاهوتية وانشؤا لاعتراف بإيمان الكاثوليك الذي سموه قانون نيقية وما زال المسيحيون ينشدونه إلى اليوم في قداس كل أحد. ثم كتب الإمبراطور إلى عامة الكنائس أن تتمثل إرادة المولى التي تجلت فيما أجمع عليه المجامع العام وكان هذا هو المجمع المسكوني الأول. وأصبحت القرارات التي تقررها المجامع شريعة ويجب على المسيحيين قاطبة أن يعملوا بها وسموها القوانين أو القواعد. ويتألف من مجموع هذه القواعد القوانين الكنائسية.

الملاحدة (الهراطقة) ـ نشأ منذ القرن الثاني بيم المسيحيين ملاحدة يخالفون في أرائهم السواد الأعظم من أبناء الكنيسة. وكثيراً ما اجتمع الأساقفة في بلد ليعلنوا للمؤمنين بأن المذهب الجديد باطل ويكرهوا مبتدعيه على الرجوع عنه وإذا أبى يخرجونه من الوحدة المسيحية. وقد يستجيش صاحب البدعة أعواناً يقتنعون بصحة دعوته فلا يرون الرجوع عما وافقوه علية ويظلون يدينون بمحاكم المجمع برده من الآراء. ومن هنا نشأت العداوات والفتن الشديدة بينهم وبين المتعلقين برأي الكنيسة (الأرثوذكس) وإذا كان المسيحيون ضعافاً ومضطهدين لم يتنازعوا بينهم إلا بالكلام والكتابة ولكن لما أصبحت البلاد مسيحية كلها استحال النزاع بين المسيحيين والمخالفين منهم في بعض الآراء إلى اضطهاد الملاحدة وكثيراً ما تنشب منه حروب أهلية.

وتكاد تنشأ جميع البدع في ذلك العهد بين يونان آسيا ومصر على يد أناس من الأذكياء والسفسطائيين والمجادلين وقد نشأت تلك البدع في العادة من محاولة فهم أسرار التثليث والتجسيد. وكانت بدعة آريوس أقوى جميع البدع فمن مذهبه أن الله الأب خلق المسيح