واستعارات عجيبة ونحن أطال الله في العز بقاك وكبت بالذل أعداك نضمن رسالتنا هذه مختار ما وقع إلينا من أشعار الجاهلية ومن تبعهم من المخضرمين ونجتنب أشعار المشاهير لكثرتها في أيدي الناس ولا نذكر منها إلا الشيء اليسير ولا نخليها من غرر ما رويناه للمحدثين ونذكر أشياءَ من النظائر إذا وردت والاجازات إذا عنت وتتكلم على المعاني المخترعة ولا نجمع نظائر البيت والمتبعة في مكان واحد ولا المعنى المسروق في موضع بل نجعل ذلك في موضع ذكره وإن كنا نعلم أنك أدام اله تأييدك أعلم بما نحمله إليك ونعرضه منا عليك ومن أين لنا قرائح تنتج ما لا تزال تريناه وتسألنا عنه من دقيق المعاني وبعده في النوعين من دقة النظر ولطيف الفكر ما لا يتوهم أنه يطرد لسواك ولا يغن لغيرك وهو أنك أيد الله عزك قلت لنا من أين أخذ البحتري قوله:
ركبنا القنا من بعد ما حملا القنا ... في عسكر متحامل في عسكر
فإن يكن عندنا فيه شيءٌ من الاستحسان والتقريظ فعرفتنا أيدك الله أنه مأخوذ من قول أبي تمام:
رعته الفيافي بعد ما كان حقبة ... رعاها وماءُ الروض ينهلُّ ساكبه
ولا نعرف في النظر أدق من هذا ولا ألطف إلا إنا نوفي الخدمة حقها بما نتكلفه من الاختيار والكلام على ما ذكرناه وبالله التوفيق.
هذه هي المقدمة ومنها تفهم العرض وتدرك صعوبة ما سلكه المؤلفان وما يحتاج إليه هذا البحث من بعد النظر وسعة الاطلاع ولقد تتصفح الصفحات الكثيرة من هذا الكتاب فتقرأ فيها أشعاراً لم تكن معهودة لنا لقلة ما طبع من شعر العرب العرباء قالا بعد المقدمة.
قال المهلهل بن ربيعة:
بكره قلوبنا يا آل بكر ... نغاديكم بمرهفة النصال
لها لون من الهامات جون ... وإن كانت تغادي بالصقال
ونبكي حين نذكر كم عليكم ... ونقتلكم كأنا لا نبالي
أبيات المهلهل هذه هي الأصل في هذا المعنى ومثله قول الحصين بن الحمام المري.
نفلق هاماً من رجال أعزة ... علينا وهم كانوا أعق وأظلما