للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأهلين من فساد الأحكاتم تذمراً ويكثرون سواد الحانقين على ذاك النظام الرث القديم.

ولما أوشكت الدولة العلية أن تسقط سنة ١٢٩٣ باجتماع كلمة أوروبا عليها أعلن القانون الأساسي بسعي مدحت باشا وأعوانه ولم تتمتع الأمة أربعة أشهر بافتتاح مجلس قبل ففسدت النيات والتأثت الأحوال وتنتكرت الأخلاق وهزلت الفضيلة وباب القول الفصل للرشى والمحاباة والشفاعات وراجت سوق النفاق رواجاً سوق النفاقات رواجاً لم تعهده آثينة في آخر أيامها ولا رومية عند زوال سلطانها بل ولا فروق لما تأذن الله بانحلال الدولة البيزنطية منها وكثر الغش والخديعة وغلوا في التجسس والوقيعة وكثرت الهجرة من البلادم فهجرها قسم عظيم من العاملين والمفكرين من أهلها وتقهقهر عمرانها فوصلت بعض أقطارها إلى درجة من الفقر لم يعرف التاريخ أنها بلغتها في وقت من الأوقات وأمسى العاقل يعجب من بقاء الدولة العثمانية لم يعرف التاريخ أنها بلغتها في وقت من الأوقات وأمسى العاقل يعجب من بقاء الدولة العثمانية على هذه الحال وما بقي منها إلى اليوم هو من أخصب بقاع الأرض جمعت أطيب الكور من القارات الثلاث أوروبا وآسيا وأفريقية وهي الصلة والعائد بين شرق المعمور وغربه وأهلها من أقوى العناصر ذات الحضارة القديمة المستفيضة كأن لها أيامها الغر العجلة وفيها العرب والفينيقيون والحيثيون والروم والبابليون والآشوريون والكلدانيون والأرمن واليهود.