الحرص على تلقين العلوم فإن النفوس تتزايد سنة عن سنة بحيث خيف من تكاثر نسلهم على البلاد المجاورة لهم مع ما هم عليه من المدنية الصحيحة والعلم بالصناعات والفنون ولا غرو فإن من خلق الألماني أن يترك من القديم كل ما ينفع منه أما الفرنسوي فيجرف منه النافع مع الضار وشتان بين الخلقين والمدنيتين وها هي النتيجة قد ظهرت للعيان مذ الآن.
وبعد فإن كل عاقل عرف تاريخ هذه الأمة يرى الخير كل الخير في احتفاظها بقديمها وضم كل ما ينفع من هذا الجديد على أن يكون للدين والعلم حريتهما فتكون المعتقدات بمأمن من طعن الطاعنين بها كما تجري المدنية على الشوط الذي تستنسبه وإذا رأى بعضهم في بعض المعتقدات ما لا ينطبق على روح الحضارة والعلوم العصرية فالأولى أن يطبقوا العقل على النقل كما هو رأي كبار علماء الإسلام منذ القديم. وإذا عجزت عقولهم عن ذلك فالأجدر بهم أن يأخذوا بعض القضايا بالتسليم ويتركوا العالم حراً يسير وجده دون أن يعوقه عائق وما نخال وكل عاقل إلا ويعتقد أن صحيح النقل لا يخالف صريح العقل والله أعلم.