فعودتم أبدانكم تمهيد الأرض وأرحتم دوابكم من جهد الثقل فإن الذي تطلبونه لم تفلتوه ومهما قضى الله لكم من شيءٍ تنالوه. فقبلنا وملنا فلما استقر بنا المكان قال لنا: أي الأمم أعقل فنظر بعضنا إلى بعض فقلنا: لعله أراد أصله من فارس فقلنا: فارس فقال: ليسوا بذلك إنهم ملكوا كثيراً من الأرض ووجدوا عظيماً من الملك وغلبوا على كثير من الحق ولبث فيهم عقد الأمر فما استنبطوا شيئاً لعقولهم ولا ابتدعوا باقي حكم في نفوسهم قلنا: فالروم قال: أصحاب صنعة قلنا: فالصين قال: أصحاب طرفة قلنا فالهند قال: أصحاب فلسفة قلنا السودان قال: شر خلق الله قلنا: الخزر قال: بقر سائمة قلنا: فقل قال: العرب قال: فضحكنا قال: أما أني ما أردت موافقتكم ولكن إذ فاتني حظي من النسبة فلا يفوتني حظي من المعرفة أن العرب حكمت على غير مثال مثل لها ولا آثار أثرت أصحاب إبل وغنم وسكان شعر وأدم يجود أحدهم بقوته ويتفضل بمجهوده ويشارك في ميسوره ومعسوره ويصف الشيء بعقله فيكون قدوة ويفعله فيصير حجة ويحسن ما شاء فيحسن ويقبح ما شاء فيقبح أدبتهم أنفسهم ورفعتهم هممهم وأعلتهم قلوبهم وألسنتهم فلم يزل حياء الله فيهم وحياؤهم في أنفسهم حتى رفع لهم الفخر وبلغ بهم أشرف الذكر وختم لهم بملكهم الدنيا على الدهر وافتتح دينه وخلافته بهم إلى الحشر على الخير فيهم ولهم فقال سبحانه أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين فمن وضع حقهم خسر ومن أنكر فضلهم خصم ودفع الحق باللسان أكبت للجنان أهم.
أما عناية الإسلام بإسقاط الجنسية فتراه ماثلاً من حسن معاملتهم للموالي فقد ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش موتة زبداً مولاه وقال إن قتل فأميركم جعفر وأمر رسول اله أسامة بن زيد فبلغه أن قوماً قد طعنوا في إمارته وكان أمره على جيش فيه جلة المهاجرين والأنصار فقال عليه السلام إن طعنتم في إمارته لقد طعنتم في إمارة أبيه قبله ولقد كان أهلاً وإن أسامة لها لأهل. وقالت عائشة لو كان زيد حياً ما استخلف رسول الله غيره وقال عبد الله بن عمر لأبيه: لم فضلت أسامة عليّ وأنا وهو سيان فقال: كان أبوه أحب إلى رسول الله من أبيك وكان أحب إلى رسول الله منك أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أزواجه لتميط عن أسامة أذى من مخاط أو لعاب فكأنها تكرهته فتولى منه ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وقال لو يوماً ولم يكن أسامة من أجمل الناس لو كنت