للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولكنه بأفعالهم وأخلاقهم وشرف أنفسهم وبعد هممهم ألا ترى أنه من كان دنيء الهمة ساقط المروءة لم يشرف وإن كان من بني هاشم في ذؤابتها ومن أمية في أرومتها ومن قيس في أشرف بطن منها إنما الكريم من كرمت أفعاله والشريف من شرفت همته وهو معنى حديث النبي عليه الصلاة والسلام إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه وقوله في قيس بن عاصم هذا سيد أهل الوبر إنما قال فيه لسؤدده في قومه بالذب عن حريمهم وبذله رفده لهم ألا ترى أن عامر بن الطفيل كان في أشرف بطن في قيس يقول:

وإني وإن كنت ابن سيد عامر ... وفارسها المشهور في كل مركب

فما سودتني عامر عن وراثة ... أبى الله أن أسمو بأم ولا أب

ولكنني أحمي حماها وأتقي ... أذاها وأرمي من رماها بمنكب

وقال آخر:

أنا وإن كرمت أوائلنا ... لسنا على الأحساب ننكل

نبني كما كانت أوائلنا ... تبني ونفعل مثل ما فعلوا

وقال قس بن ساعدة لأقضين بين العرب بقضية لم يقض بها أحد قبلي ولا يردها أحد بعدي أيما رجل رمى رجلاً بملامة دونها كرم فلا لوم وأيما رجل ادعى كرماً دونه لؤم فلا كرم له. ومثله قول عائشة أم المؤمنين كل كرم دونه لؤم فاللؤم أولى به وكل لؤم دونه كرم فالكرم أولى به. تعني بقولها أن أولى الأشياء بالإنسان طبائع نفسه وخصالها فإذا كرمت فلا يضره لؤم أوليته وإن لؤمت فلا ينفعه كرم أوليته.

وقال الشاعر:

نفس عصام سودت عصاما ... وعلمته الكر والإقداما=وجعلته ملكاً هماما

وقال آخر:

ما لي عقلي وهمتي حسبي ... ما أنا مولى ولا أنا عربي

إن انتمى منتم إلى أحد ... فإنني منتم إلى أدبي

روى أبو العيناء الهاشمي عن الفخذمي عن شبيب بن شبة قال كنا وقوفاً بالمربد موضع بالبصرة وكان المربد مألف الأشراف إذ أقبل ابن المقفع فبششنا به وبدأناه بالسلام فرد علينا السلام ثم قال: لو ملتم إلى دار نيروز وظلها الظليل وسورها المديد ونسميها العجيب