الله عليه وسلم إذا أتاكم كريم قومٍ فأكرموه وقوله صلى الله عليه وسلم أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم وقوله صلى الله عليه وسلم في قيس بن عاصم هذا سيد الوبر. وكانت العرب تقول لا يزال الناس بخير ما تباينوا فإذا تساووا هلكوا. تقول لا يزالون بخير ما كان فيهم أشراف وأخيار فإذا حملوا كلهم جملة واحدة هلكوا أو إذا ذمت العرب قوماً قالوا: سواسية كأسنان الحمار وكيف يستوي الناس في فضائلهم والرجل الواحد لا تستوي في نفسه أعضاؤه ولا تتكافأ مفاصله ولكن لبعضها الفضل على بعض وللرأس الفضل على جميع البدن بالعقل والحواس الخمس وقالوا القلب أمير الجسد ومن الأعضاء خادمةٌ ومنها مخدومةٌ.
قال ابن قتيبة: ومن أعظم ما ادعت الشعوبية فخرهم على العرب بآدم عليه السلام وبقول النبي عليه الصلاة والسلام لا تفضلوني عليه فإنما أنا حسنةٌ من حسناته ثم فخرهم بالأنبياء أجمعين وأنهم من العجم غير أربعة هود وصالح واسماعيل ومحمد عليهم الصلاة والسلام واحتجبوا بقول الله عز وجل إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ثم فخروا بإسحق بن إبراهيم وأنه لسارة وأنا إسماعيل لأمة تسمى هاجر قال شاعرهم:
في بلدة لم تصل عكن بها طنباً ... ولا خباء ولا عك وهمدان
ولا لجرم ولانهد بها وطن ... لكنها لبني الأحرار أوطان
أرض تبنى بها كسرى مساكنه ... فما بها من بني اللخناء إنسان
فبنو الأحرار عندهم العجم وبنو اللخناء عندهم العرب لأنهم من ولد هاجر وهي أمة وقد غلطوا في هذا التأويل وليس كل أمة يقال لها اللخناء من الإمام الممتهنة في دعي الإبل وسقيها وجمع الحطب وإنما أخذ من اللخن وهو نتن الريح يقلل لخن السقاء إذا تغير ريحه فأما مثل هاجر التي طهرها الله من كل دنس وارتضاها للخليل فراشاً وللطيبين إسماعيل ومحمد أماً وجعلهما سلالة فهل يجوز لملحد فضلاً عن مسلم أن يسميها اللخناء.
قال بعض من يرى رأي الشعوبية فيما يرد به على ابن قتيبة في تباين الناس وتفاضلهم والسيد منهم والمسود إننا نحن لا ننكر تباين الناس ولا تفاشلم ولا السيد منهم والمسود والشريف والمشروف ولكننا نزعم أن تفاضل الناس فيما بينهم ليس بآبائهم ولا بأحسابهم