النافرة يأكل بعضها بعضاً ويغير بعضها على بعضٍ فرجالها موثوقون في حلق الأسر ونساؤها سبايا مردفات على حقائب الإبل فإذا أدركهن الصريخ استنقذن بالعشي. قال بجير يعير العرب باختلافها في النسب واستلحاقها للأدعياء:
زعمتم بأن الهند أولاد خندف ... وبينكم قربى وبين البرابر
وديلم من نسل ابن ضبة ناسل ... وبرجان من أولاد عمر وبن عامر
فقد صار كل الناس أولاد واحد ... وصاروا سواء في أصول العناصر
بنو الأصفر الأملاك أكرم منكم ... وأولى بقربانا ملوك الأكاسر
أتطمع في صهري دعياً مجاهراً ... ولم تر ستراً من دعي مجاهر
وتشتم لؤماً رهطه وقبيله ... وتمدح جهلاً طاهراً وابن طاهر
وقال الحسن بن هانئ على مذهب الشعوبية:
وجاورت قوماً ليس بيني وبينهم ... أواصر إلا دعوة وبطون
إذا ما دعا باسمي العريف أجبته ... إلى دعوة مما عليَّ يهون
لا زد عمان بن المهلب نزوة ... إذا افتخر الأقوام ثم تلين
وبكر يرى أن النبوة أنزلت ... على مسمع في البطن وهو جنين
وقالت تميم لا نرى أنا واحداً ... كأحنفا حتى الممات يكون
فلا لمت قيساً بعدها في قتيبة ... إذا افتخروا أن الحديث شجون
قال ابن قتيبة في كتاب تفضيل العرب: وأما أهل التسوية فإن منهم قوماً أخذوا ظاهر بعض الكتاب والحديث فقضوا به ولم يفتشوا عن معناه فذهبوا إلى قوله عز وجل: إن أكرمكم عند الله أتقاكم. وقوله: إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم. وإلى قول النبي عليه الصلاة والسلام في خطبته في حجة الوداع أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتفاخرها بالآباء ليس لعربي على عجمي فخر إلا بالتقوى كلكم لآدم وآدم من تراب. وقوله المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم وإنما المعنى في هذا أن الناس كلهم من المؤمنين سواءٌ في طريق الأحكام والمنزلة عند الله عز وجل والدار الآخرة لو كان الناس كلهم سواء في أمور الدنيا ليس لأحد فضل إلا بأمر الآخرة لم يكن في الدنيا شريف ولا مشروف ولا فاضل ولا مفضول فما معنى قوله صلى