وأسباب المعاش سهلة ورخيصة للغاية فالعامل الغريب يعيش بإنفاق ربع ريال إلى نصف ريال يومياً عيشاً طيباً إذ التسهيلات الموجودة هنا لراحة العيش لا أثر لها في بلادنا ولا في مصر ومن ذلك يتضح لك أنه ليس في الأمة الأميركية فقير. وأفقرهم أحسن حالاً من بك في بلادنا.
ويجب أن يكون سن الغريب الذي يود الهجرة إلى هذه البلاد دون الستين وأن يكون قوي الجسم سليماً من الأمراض وإلا فلا يباح له الدخول وأن يكون معه يوم خروجه إلى البر من النقد نحو ٥٠ ريالاً أو يكون له قريب أو صديق في البلاد يقبله ويكفله وعلى كل حال ينبغي له أن يفيدهم أنه جاء ليعمل.
وعلى من أراد أن يفلح من المهاجرين أن يكون سنه الثلاثين وذا إلمام قليل بالإنكليزية وأن يدخل إحدى المدارس الصناعية لدن وصوله إلى نيويورك يختار ما يشاء من الصنائع. وهنا مدارس للصنائع على أنواعها وأقل مدة للتخرج بصناعة الحلاقة فإنه يمكن إتقانها في شهرين وأكثر مدة تصرف لتعلم صناعة الهندسة ثلاث سنين فينال المهندس سوم خروجه من المدرسة مائتي ريال راتباً شهرياً على الأقل. ومدة تعلم الصنائع الأخرى بين سنة وسنتين من مثل دهان وحداد ونجار وكاتب تجارة ومستخدم في إدارة الأسلاك البرقية وكاتب أداة كتابية وغير ذلك ومنها أشغال يدوية وأشغال عقلية. وزبدة القول أن البلاد بلاد عمل ومضاء لا بلاد كسل ووناء.
يعتبر المرء من البلاد عندما يدوس أرضها ويصبح مساوياً لغيره في الحقوق. والأمة هنا متساوية في حقوقها لا فرق بين كبير وصغير ولا تمييز بين العناصر والنحل فيصير بائع الفحم أو تاجر المسكرات رئيساً للولايات ولا عيب عندهم سوى أمور معلومة أولها البطالة. فكل فرد رجلاً كان أو امرأة يعمل ويجد حتى أنك لا تجد هنا محال للقهوة كما هو الحال في بلادنا إذ ليس هناك عاطلون عن العمل يجلسون فيها - وثانيها السرقة والمتاجرة بالعرض وما عدا ذلك فكل صنعة شريفة بدون استثناء. وبعد أن يقضي الغريب في البلاد خمس سنين ينال حق التابعية الأميركية ويكون كذلك هو وأحفاده. في أي بلد كان وأما إذا غادر البلاد قبل قضاء هذه المدة فيعود إلى تابعيه.