فحكم عليه بالسجن فسجن في الباستيل سنة نظم أثناءها قصيدة سماها التعاهد (ليبج) ورواية دعاها (أوديبوس) قالوا أنها أحسن ما كتبه من حيث شرح العواطف الحقيقية وذلك عام ١٧١٨ ثم أطلق سراحه بدعوى أنه مريض يحتاج إلى تبديل الهواء في (بلومبيار) فسار وقد عول على أن لا يعود إلى فرنسا ولكن قلمه ثنى عزمه فعاد إلى مثل ذلك فأعيد إلى السجن مهاناً بالضرب واللكم عام ١٧٢٦ فلبث هناك ستة أشهر ثم أطلق سراحه والتجأ إلى إنكلترا لعله يتخلص من دسائس الفرنسويين.
ولقد كتب مقالات فلسفية قيل أنه تعرض فيها للدين والسياسة فأحرقت بأمر مجلس الأمة (البرلمان) واضطر إلى مغادرة باريس خوفاً على حياته وقد ذهب بعضهم إلى أنه ملحد لأن الكهنة لم تأذن بدفنه على العادة المألوفة وإن أحد أبناء أخيه كان رئيساً لدير فأخذ الجثة سراً إلى ديره ودفنها في الكنيسة وفي سنة ١٧٩١ نقلت الجثة إلى البانتيون مدفن الملوك والعظماء والكبراء.
وكذلك روسو فإنه نال من نبال الطعن والاحتقار ما لا يكاد يخطر على بال وما ذنب هذا الرجل الكبير ـ كما قال أحد حكماء فرنسا ـ سوى أنه خالف سنة أهل النظر في عصره وهي اعتمادهم في إصلاح المجتمع الإنساني على الرجال ومخاطبتهم إياهم فيه بأن وجه خطاباً إلى الوالدات والأطفال وهو أمر هداه إليه ما فطر عليه من جودة الطبع وذكاء القريحة ثم قال: وإن أردت أن أبين لك كيف خدم روسو الأطفال خاصة بما نشره في كتبه من الانتصار لهم قلت أن ذلك إنما كان بما ألقنه تلك الكتب في نفوس الفرنسيس من بذور الثورة وهيأتها به لها.
ومثله لوتيروس المصلح الديني الألماني فإنه قام بالدعوة إلى ما صح عن المسيح فطبق ما ورد في الإنجيل ضارباً بتلك الأوهام التي تعلقوا فطفوا بها عرض الحائط. وأول ما ناهضه هو مسألة الغفران ولم ير داعياً للأبوة فألغى الرتب الروحانية وشركات الدنيا والقاعدة التي تخول الرهبان عدم الزواج ظهرياً.
وحملته طبيعة الحال على أن يدعي ويثبت مدعاه بأن كنائس الكاثوليك جمعاء تناقض أحكام الدين المسيحي على خط مستقيم وقد دعا الإمبراطور شارلكان المجلس العام في ألمانيا إلى الالتئام فالتئم وطلب المجلس بأكثرية الأصوات إحراق لوثيروس وقد كاد يقع