كأننا وعفاف القلب يعصمنا ... سران في خاطر الظلماء يكتمنا
حتى يكاد لسان الصبح يفشينا
أفكارنا مع خيالات الغرام لهت ... وبعدكم لسواكم قط ما انتبهت
بالحزن والذكر والأشجان قد ولهت ... لا غروَ أنا ذكرنا الحزن حين نهت
عنه النهى وتركنا الصبر ناسينا
الطيفُ في النوم يرضينا إذا عبرا ... إذ عزت العين صرنا نطلب الأثرا
لا تعجبوا إن صبرنا نحمل القدرا ... إنا قرأنا الأسى يوم النوى سورا
مكتوبة وأخذنا الصبر تلقينا
نرضى الهوان بديل العز أكملهِ ... والجسم ينحل سقماً من تحملهِ
ونرتضي وشلاً عن فيض جدولهِ ... أما هواك فلم نعدل بمنهلهِ
شرباً وإن كان يروينا فيظمينا
لذنا من البعد في ما ليس نرغبه ... حين اللقاء علينا عزَّ مطلبه
فؤادنا أنت دون الخلق مأربه ... لم نجف أفق جمال أنت كوكبه
سالين عنه ولم نهجره قالينا
أعرضتِ عنا وأعرضنا على وصبِ ... نكتم الناس ما في القلب من لهبٍ
فما اتخذت تجافينا بلا سببٍ ... ولا اختياراً تجنبناك عن كثبٍ
لكن عدتنا على كره عوادينا
ضاقت على رحبها الدنيا فلا سعةً ... تحوي فؤاداً وأحشاء مقطعة
نأسى إذا الشمس جازتنا مودعة ... نأسى عليك إذا حثت مشعشعة
فينا الشمول وغنانا مغنينا
لا شيء يسكن شيئاً من بلابلنا ... ولا نرجي عزاءً من وسائلنا
ظعائن الأُنس شالت عن منازلنا ... لا أكؤس الراح تبدي من شمائلنا
سيما ارتياح ولا الأوتار تسلينا
عين السعود لنا كانت ملاحظةً ... عند اللقاءِ وعين الضدّ جاحظةً
لئن تدم برحاء البعد باهظة ... دومي على العهد مادمنا محافظةً