للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جعفر ولقد ظلمته الحنابلة وقال أبو محمد عبد الله بن أحمد الفرغاني بعد أن ذكر تصانيفه وكان أبو جعفر ممن لا تأخذه في الله لومة لائم ولا يعدل في علمه وتبيانه عن حق يلزمه لربه وللمسلمين إلى باطل لرغبة ولا رهبة مع عظيم ما كان يلحقه من الأذى والشناعات من جاهل وحاسد وملحد وأما أهل الدين والورع نغير منكرين علمه وفضله وزهده وتركه الدنيا مع إقبالها عليه وقناعته بما كان يرد عليه من قرية خلفها له أبوه بطبرستان يسيرة.

يعد هذا التاريخ من المطولات بل هو أطول وأجمع تاريخ للقرون الأولى الثلاثة وقد كان مؤلفه يريد أن يتوسع فيه أكثر مما توسع حتى عرض على تلاميذه قبل الشروع في تأليفه أن يريد أن يملي عليهم تاريخاً فقالوا له كم يكون حجمه فقال ثلاثون ألف ورقة فقالوا تفنى الأعمار ولا يستوفي مطالعة فقال حسبي الله ماتت الهمم وأملاه في ثلاثة آلاف ورقة كما انتهى إلينا.

فجاء تاريخ ابن جرير مأخذاً للمؤرخين وطالبي التوسع في الوقوف على أخبار القرون الراقية في الأمة وقد كبر حجمه بالأسانيد والروايات على طريقة المحدثين إلا أن الحوادث بادية من خلال سطوره تنال بأدنى نظر. مثال ذلك ما رواه في الجزء الأول من الكلام على خلق العالم نقلاً عن الإسرائيليات فإنه بعد أن نقل الموضوعات كلها قال ابن صح ما روي عن رسول الله (ص) بحيث يتوهم المطالع قبل أن يصل إلى هذا الكلام أن ما أورده وعني به هو الحقيقة التي شائبة فيها.

وتاريخ ابن جرير مرتب على السنين مثل تاريخ الكامل لابن الأثير وتاريخ أبي الفداء والمسعودي وغيرهم ومن تطويله في سرد الكوائن يستفيد المطالع أشياء كثيرة فينتفع الكاتب من حسن العبارة وجودة سبكها ويقف على تعابير فصيحة قد لا يعرفها وليست مألوفة لهذا العهد والشاعر يتعلم ضروباً من الشعر والمقاطيع على اختلاف العصور خصوصاً والشعر كله مشكول كما شكلت الآيات القرآنية والكلمات التي ربما تلتبس بل يستفيد الجندي كيفية تعبئة الجيوش في تلك الأعصر ويتعلم المكايد والباحث في الاجتماع يقع على فوائد مهمة.

وفي هذا الكتاب قصائد نظمت على البديهة لشعراء مشهورين وغيرهم ومقاطيع قيلت في المناسبة وأنشدت بدواع خاصة وفيه رسائل الخلفاء لعمالهم ورسائل العمال لخلفائهم