لا يصلح إلا بما صلح أوله لين في غير ضعف وشدة في غير جبرية وعنف وإني أقسم بالله لآخذن الولي بالولي والمقيم بالظاعن والمقبل بالمدبر والصحيح منكم بالسقيم حتى يلقى الرجل منكم أخاه فيقول انج سعد فقد هلك سعيد أو تستقيم لي قناتكم أن كذبة المنبر تبقى مشهورة فإذا تعلقتم عليَّ بكذبة فقد حلت لكم معصيتي من بيت منكم فأنا ضامن لما ذهب له إياي ودلج الليل فإني لا أوتى بمدلج إلا سفكت دمه وقد أجلتكم في ذلك بقدر ما يأتي الخبر الكوفة ويرجع إليَّ وإياي ودعوى الجاهلية فإني لا أجد أحداً دعا بها إلا قطعت لسانه وقد أحدثتم أحداثاً لم تكن وقد أحدثنا لكل ذنب عقوبة فمن غرق قوماً غرقته ومن حرق على قوم حرقناه ومن نقب بيتاً نقبت عن قلبه ومن نبش قبراً دفنته حياً فكفوا عني أيديكم وألسنتكم أكفف يدي وأذاي لا يظهر من أحد منكم خلاف ما عليه عامتكم إلا ضربت عنقه وقد كانت بيني وبين أقوام أحن فجعلت ذلك دبر أذني وتحت قدمي فمن كان منكم محسناً فليزدد إحساناً ومن كان مسيئاً فلينزع عن إساءته إني لو علمت أن أحدكم قد قتله السل من بغضي لم أكشف له قناعاً ولم أهتك له ستراًَ حتى يبدي لي صفحته فإذا فعل لم أناظره فاستأنفوا أموركم وأعينوا على أنفسكم فرب مبتئس بقدومنا سيسر ومسرور بقدومنا سيبتئس. أيها الناس إنا أصبحنا لكم ساسة وعنكم ذادة نسوسكم بسلطان الله الذي أعطانا ونذود عنكم بفيء الله الذي خولنا فلنا عليكم السمع والطاعة فيما أحببنا ولكم علينا العدل فيما ولينا فاستوجبوا عدلنا وفيئنا بمناصحتكم واعلموا أني مهما قصرت عنه فإني لا أقصر عن ثلث لست محتجباً عن طالب حاجة منكم ولو أتاني طارق بليل ولا حابساً رزقاً ولا عطاءً عن أبانه ولا مجمراً لكم بعثاً فادعوا الله بالصلاح لأئمتكم فإنهم ساستكم المؤدبون لكم وكهفكم الذي إليه تأوون ومتى تصلحوا يصلحوا ولا تشربوا قلوبكم بغضهم فيشتد لذلك غيظكم ويطول له حزنكم ولا تدركوا حاجتكم مع أنه لو استجيب لكم كان شراً لكم أسأل الله أن يعين كلاً على كل وإذا رأيتموني أنفذ فيكم الأمر فانفذوه علي أذلاله وأيم الله إن لي فيكم لصرعى كثيرة فليحذر كل امريء منكم أن يكون من صرعاي اهـ.
نقلت هذه الخطبة على طولها لأنها مرآة ذاك الزمان وعلامة على استحكام أزمة الأحكام في رقاب الأمة ولأن فيها من الشدة واللين والتفتن في أساليب التأثير ما لا يتسنى قو مثله اليوم إلا لأناس من رجال الغرب ممن مرنوا على الخطابة ودربوا عليها فكانت ملكة البيان