الطبيعة لميلها إليه تستولي عليه فينقطع به عما سواه ولا يبتديء بالشواء فإن القوة الهاضمة إذا تعلقت به قهرها فاقتصرت عليه فلم يمكن الاستكثار من شيء بعده ومن كانت معدته باردة فيجب أن يستعمل الفاكهة بعد الطعام بساعة جيدة ليلحق خفته الثقيل المنهضم قبله.
صفات الأكل
يجتنب تعظيم اللقم وسرعة الأكل. وإن لا يخلط في الأطعمة فإن في هذا الأدب فوائد ولها أنه أبلغ فيالاستيفاء من الطعام وأهون على الهضم الجيد وأبعد من الكظة لأن الذي يصل إلى معدته الشيء بعد الشيء من الطعام تستولي عليه القوة الهاضمة وتتمكن في الهضم، واللقم المتتابعة تقبر هذه القوة وتغص المعدة فيتولد عنها الفواق والجشاء المؤذي المستقبح وكذلك حال الماء في امتصاصه والعدول عن عبه وتأني الأكل أبعد من مشابهة الحيوانات التي تتناول أغذيتها بالنهم والشره وأحرى أن لا يستقذر الإنسان وتعاف الأنفس مؤاكلته ثم إن كانت عنده دعوة أو جماعة كان تأنيه أمكن لهم في تناول حاجتهم فمن رزق هذه العادة وإلأا فليرض نفسه عليها، ويجتنب الأكل على حال انزعاج من النفس وما ينسيه ثم يتناول الغذاء بعده ويسر نفسه بمحادثة المواصلين، ومؤانسة المنادمين فإن ذلك معين على نجوع الغداء ولذلك كانت الملوك لا تنام ولا تشرب ولا تأكل إلا على سماع ملذا أو حديث ممتع وإن لم يتمكن من النوم بعد الأكل فلابد من اضطجاعة أو تكأة فإن الانتصاب والقعود تعب والتعب يمنع من تمام الهضم.