الطبيخ الحار الذي في بقية عليانه ولم تفارقه الأجزاء النارية فإنه كالشيء الذي لم يدرك، والغاب والفاسد رديء لا خير فيه. . . .
أوقات الأكل
أصلح أوقاته وقت الحاجة إليه وتجتنب استعماله بالعادة في وقت يعينه في كل يوم أو بالمساعدة أو بالشهوة الكاذبة فإنه يحدث حينئذ أمراضاً خبيثة والغداء والعشاء يصلحان للعامة ويجب أن يخفف الغداء لئلا يثقل البدن عن التصرف في المعاش ويستوفوا العشاء لأن النوم يتبعه فيعين على هضمه فلليل خاصية في تجويد الهضم ليست لنوم النهار إلا أن العشاء ربما أضر بالرأس والعين لأن قوة الهضم تحدث أبخرة كثيرة، فأما الملوط فصدر نهارهم مشغول بمهماتهم وهم يستكثرون مع ذلك من الألوان فلا يبقى فيهم فضلة لأكلة أخرى، بل الواجب أن يستقبلوا الليل بعد النوم الذي يعين على هضم الغذاء وهم في نهاية الجمام والنشاط للسهر والمؤانسة وإن دعت أحدهم نفسه إلى أكلة ثانية وليس ذلك بصواب له فليحذر اللحم والدسم ويقتصر على الخبز لا يكاد يعرض منه تخمة ولا يثقل إلا أن يفرط في الإكثار منه ويجعل أدمه في هذه الحال من الحموضات والملوحات وليحذر كل الحذر ويتوقى كل التوقي أكله بين شرايين فإنه مجرب الضرر ولا يكاد مستعمله يسلم منه.
تقدير الطعام
الحمية أصل الطب. وقلة الأكل أفضل العلاج، وحد ذلك أن يمسك عن الأكل وقد بقيت من الشهوة بقية تدعوه إلى الازدياد، فإن الطعام يربو وينتفخ في المعدة بعد أكله فإذا أمليت به ولم يترك فيها فضاء لرتوه أحدث الكظة وأوجب التخمة وتولدت عنه الأمراض الرديئة، ومن ضعف هضمه، جعل أكله دفعات وخففه واقتدى فيه بتدبير الطبيعة في تفريقها غذاء الأطفال وبتقليله في كل مرة، وينبغي ان تكون الجرأة على الأكل في الشتاء أكثر لانهزام الحرارة إلى غور البدن ويستعمل في الصيف ضد ذلك ويقصد في زمان الصيف اللطيف من الأغذية كالبوارد.
ترتيب ألوان الطعام
يجعل الأخف قبل الأثقل ولا يبتدئ بالدسومة فتفقر الشهوة وتلطخ المعدة بل يقدم الحامض بالخل فإنه يحلل أجزاء ما لاقاه فيفتق الشهوة ويمكن لما سواه ولا يقدم الشيء الحلو فإن