ولا اليابس فإنه بمثابة القديد وكلاهما إذا أصابه الماء في المعدة انتفخ وربا كما يصيبهما إذا صب عليهما الماء خارجاً عنه، بل ما كان مخبوزاً ليومه أو غده ثم اللحم ومن التدبير فيه إنضاجه ويتجاوز ذلك فيمن ضعفت معدته إلا أن يهرا له تهريةً، فأما من قوي هضمه كرجال الحرب فالصواب أن يتناولوا من الخبز الفطير ومن اللحم المشوي ما لم ينته نضجه ليتولد لهم اللحم الصلب الكثير المحتمل للألم فإن اختمار العجين وتهرية اللحم يقلل قوتهما، وما كان من الحيوان رطباً كالسمك والحملان الرضع شوي ليقلل رطوبته وما كان مسناً طبخ ليقلل رطوبة الطبخ يبوسته، والشواء يؤبس الطبع والطبخ يحله، وما عمل بالكانون أخف مما عمل بالتنور، لأن التنور يغمه فيرجع إليه البخار فيكسبه ثقلاً ووخامة وأغباب شواء التنور أصلح ويستعمل بعد شوق إليه، وشهوة له تعين على هضمه ويطيب الطبيخ بلباب البصل والحمص ومآئهما دون قشورهما وجملة جرمهما وبالجملة فاللب من كل شيء أكثر نفعاً وأقل ضراً من القشور، ويجتنب الأشياء الحريفة كالخردل والثوم فربما لذعت الآت الغذاء وقرحتها كما تفعل في ظاهر البدن قلت وهذا الحنين فيه قول يدل على أنها تقرح الظاهر وتعفن الباطن وإذا انهضمت الأشياء اللذاعة أحدثت في الكيموسات كيفية حادة حريفة مضرة جداً لأن الذي تفعله استحالة كيفية الدم أضر مما تفعله كميته ويجب أن يجتنب التي منها حتماً وأصلح الأطعمة ما لم يغلب عليه طعم فإن الطعم الغالب يدل على الكيفية الغالبة وأشد الطعوم ومشاكله للدم الحلاوة، ولذلك تشتد شهوة الصبيان لها لأنهم في سلطان الدم والحلو الأصلي كالتمر والعسل أشد تسخيناً للدم وإحراقاً له من الحلو الدسم كالفالوذج ونحوه وهذه المركبة أقل غائلة في تنوير الحرارة لأن الدسومة تقاوم تلك السورة إلا أنها أثقل على المعدة لمكان الدسومة وشرب الماء على الحلو الأصلي أنفع من شربه على المركب لأن الماء يمازج الأصلي فيكثر حلاوته ويعدله ولا يمازج الدسم فيعقب لذلك تخماً، والأصلح في تناول الحلو استعماله عباً وبعد الشوق الشديد ثم الإقلال وقصد اللطيف كالمعمول من السكر الطبرزد واللوز والحامض يفتق الشهوة إلا أنه أقل غذاءً من الحلو وهو مضر بالعصب، ويعق! ب الهزال والنحافة، وأصلح الحموضات الخل فإن فيه تحليلاً وتلطيفاً، والمالح معين على الهضم ويعتبر ذلك من تأثيره في الأشياء التي يطيب بها فيدفع العفونة والفساد عنها وهو ينوب عن الأفاوية الحارة مع سلامته وقلة غائلته، ويجتنب أكل